وقبل الخوض في تحقيق الحال، لا بأس بتمهيد مقال، وهو: ان الوضع التعييني كما يحصل بالتصريح بانشائه، كذلك يحصل باستعمال اللفظ في غير ما وضع له، كما إذا وضع له بأن يقصد الحكاية عنه (1) والدلالة عليه
____________________
واما التضمين، فهو أيضا من أنواع الاستعمالات الحقيقية، فان التضمين هو ان يكون المعنى الموضوع له اللفظ قد حصل بسبب غير سببه العادي، كالمخالفة لما امر به المولى فإنها على الغالب السبب في حصولها هو الشهوات وعدم ملائمة المأمور به المكلف، وربما يكون السبب فيها هو اعراض العبد عن مولاه، وحيث إن الاعراض يتعدى بعن فيعدون المخالفة بعن للدلالة على ذلك، وإلا فالمخالفة تتعدى بنفسها، كما في قوله تعالى: (الذين يخالفون عن امره) (1)، فالمخالفة في الآية الكريمة قد استعملت في معناه ولم تستعمل في معنى الاعراض، ولكن التضمين وان كان من أنواع الاستعمالات الحقيقية إلا انه لا يصار اليه إلا بقرينة، لان غير الغالب في الاستعمالات يحتاج إلى دليل وقرينة.
واما التخصيص، فقد ذهب بعض المحققين المتأخرين: ان العام إذا أريد به الخاص لم يكن مستعملا في الخاص، بل هو مستعمل في العام دائما وان أريد به الخاص، لان التخصيص يتعلق بالإرادة اللبية الجدية، لا بالإرادة الاستعمالية. وسيأتي تحقيقه في مبحث العام والخاص إن شاء الله.
(1) لا يخفى انه لابد من بيان أمور تمهيدا للمقام:
الأول: ان محل الكلام في الحقيقة الشرعية، هل هي خصوص الماهيات المخترعة، أو الأعم منها، فان الالفاظ المستعملة في لسان الشارع وقد رتب عليها احكامه على اقسام:
واما التخصيص، فقد ذهب بعض المحققين المتأخرين: ان العام إذا أريد به الخاص لم يكن مستعملا في الخاص، بل هو مستعمل في العام دائما وان أريد به الخاص، لان التخصيص يتعلق بالإرادة اللبية الجدية، لا بالإرادة الاستعمالية. وسيأتي تحقيقه في مبحث العام والخاص إن شاء الله.
(1) لا يخفى انه لابد من بيان أمور تمهيدا للمقام:
الأول: ان محل الكلام في الحقيقة الشرعية، هل هي خصوص الماهيات المخترعة، أو الأعم منها، فان الالفاظ المستعملة في لسان الشارع وقد رتب عليها احكامه على اقسام: