بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ١ - الصفحة ٣٨٧
قلت: مضافا إلى القطع بأنه ليس في العبادات إلا أمر واحد، كغيرها من الواجبات والمستحبات، غاية الأمر يدور مدار الامتثال وجودا وعدما فيها المثوبات والعقوبات، بخلاف ما عداها، فيدور فيه خصوص المثوبات، وأما العقوبة فمترتبة على ترك الطاعة ومطلق الموافقة (1).
____________________
(1) حاصله يتضمن جوابين عن اخذ قصد القربة بتوسط أمرين يتعلق أحدهما بذات الفعل، والثاني باتيانه بقصد الامتثال والقربة.
الجواب الأول: ان ما ذكرتموه هو صرف امكان في اخذ قصد القربة في متعلق الأوامر العبادية، اما وقوعا فلا تحقق له ولا اثر منه في الأوامر الوجوبية المتعلقة بالعبادات، وليس في الأوامر العبادية الوجوبية الا امر واحد، كغيرها من الأشياء غير العبادية وهي الواجبات التوصلية أو المستحبات العبادية، ولم يرد في لسان الشارع أمران: امر متعلق بذات العبادة، وامر متعلق باتيانها بقصد امتثال امرها، والذي ورد في القرآن والسنة صلوا، وزكوا، وصوموا، وحجوا وهو امر واحد متعلق بها وليس هناك أمران.
ثم استطرد (قدس سره) إلى ذكر الفرق بين الأوامر التوصلية والأوامر العبادية بما حاصله: انه بين الامتثال في الواجبات التوصلية والواجبات العبادية فرقان:
الأول: هو ان الواجبات التوصلية يمكن ان يتأتى فيها الإطاعة الموجبة لاستحقاق الثواب وهي اتيانها بنحو يضاف اليه تبارك وتعالى، وهي الإطاعة الموجبة للمدح وكون العبد مؤديا وظيفة العبودية، وقائما بما هو عدل في مراسم الرقية، وهو اتيانها بقصد امتثال امرها لا بقصد آخر، وهذا هو معنى الإطاعة بمعنى ما يوجب استحقاق المدح والثواب.
والثاني: انه يمكن ان يتحقق فيها الإطاعة بمعنى المؤمن من تبعة العقاب فقط من دون استحقاق للمدح والثواب، وهو اتيان متعلق الأمر فيها لا بداعي امتثال الامر بل بداع اخر، كمثل ان يدفن الميت لا بقصد امتثال امر الله بدفنه، بل اما لمحبته
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 386 387 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست