بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ١ - الصفحة ٣٢٩
دفع وهم: لا يخفى أنه ليس غرض الأصحاب والمعتزلة، من نفي غير الصفات المشهورة، وأنه ليس صفة أخرى قائمة بالنفس كانت كلاما نفسيا مدلولا للكلام اللفظي، كما يقول به الأشاعرة، إن هذه الصفات المشهورة مدلولات للكلام.
____________________
كصفة الخالق عن عامة ذوي الأديان القائلين بحدوث العالم، وانه كان الله ولم يكن معه شيء، وبعد ان التزموا: بان صفة التكلم له - جل وعلا عن ذلك - هي قديمة بقدم الذات، وقد صرحوا: بأنها غير الإرادة والعلم، وقالوا: بقدم القرآن بما هو كلام، لا بما هو متعلق العلم، وهذا الكلام القديم هو المسمى بالكلام النفسي، ولا اشكال ولا ريب ان مداليل الالفاظ القرآنية وهي المعاني المستعملة فيها ألفاظ القرآن الحادثة عند نزول القران على لسان جبرئيل هي حادثة، فلذلك قالوا: بان وراء هذا الكلام اللفظي كلام آخر هو الكلام النفسي، وهو غير الإرادة والعلم وهو الطلب في الأوامر القرآنية، وغير العلم في جمله الخبرية وغير الاستفهام والترجي إلى آخر ما قالوا. ومن هذا الرأي وهو الكلام النفسي نشأت دعوى المغايرة بين الطلب والإرادة، لأن الطلب الحقيقي هو الكلام النفسي في الأوامر القرآنية وإذا كان الطلب الحقيقي هو عين الإرادة الحقيقية تكون صفة المتكلم هي صفة المريد، فلا تكون هناك صفة أخرى قديمة مسماة بالكلام النفسي وهي غير الإرادة، وإذا كان الطلب الحقيقي هو الكلام النفسي عندهم فلابد وأن يكون الطلب الحقيقي غير الإرادة الحقيقية، وإلا لإتحدت صفة المتكلم والمريد مفهوما وان لا يكون هناك كلام نفسي قديم هو غير الإرادة والعلم.
فالصلح لا يعقل ان يتأتى بين الطرفين لصراحة كلماتهم بذلك، وان دعوى المغايرة هنا بين الطلب والإرادة من فروع قولهم بالكلام النفسي القديم الواقع في قبال الإرادة.
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 322 324 327 328 329 330 331 332 336 338 ... » »»
الفهرست