بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ١ - الصفحة ٣٣٨
إشكال ودفع: أما الاشكال، فهو إنه يلزم بناء على اتحاد الطلب والإرادة، في تكليف الكفار بالايمان، بل مطلق أهل العصيان في العمل بالأركان، إما أن لا يكون هناك تكليف جدي، إن لم يكن هناك إرادة، حيث أنه لا يكون حينئذ طلب حقيقي، واعتباره في الطلب الجدي ربما يكون من البديهي، وإن كان هناك إرادة، فكيف تتخلف عن المراد ولا تكاد تتخلف، إذا أراد الله شيئا يقول له: كن فيكون (1).
____________________
(1) هذا الاشكال هو الاستدلال الثاني للأشاعرة على المغايرة بين الطلب والإرادة.
وحاصله: انه إذا اتحدت الإرادة والطلب: بان كان كل مرتبة من الإرادة متحدة مع مرتبة الطلب، فالطلب الحقيقي متحد مع الإرادة الحقيقية وكذلك ساير مقامات الإرادة متحدة مع ساير مقامات الطلب يلزم القائلين بالاتحاد أحد أمرين على سبيل منع الخلو في تكليف الكفار بالايمان، وتكليف العصاة من المؤمنين بأمر يعصون فيه المولى.
اما ان يقولوا: بان الأوامر الموجهة إلى هؤلاء ليست بأوامر جدية وتكاليفهم ليست بتكاليف حقيقية، لما عرفت ان الفرق بين الأوامر الحقيقية الجدية والأوامر غير الحقيقية: هو ان الأوامر الحقيقية ما كان انشاء التكاليف فيها بداعي الطلب الحقيقي الذي هو الإرادة الحقيقية، ويمكن الالتزام به عند العدلية القائلين بالاتحاد، فان الأوامر الموجهة إلى المؤمنين والكفار والى العصاة والمطيعين على حد سواء، ولا ريب انها إذا كانت على حد سواء فهي تكاليف حقيقية لا صورية.
واما ان يلتزموا بامكان تخلف ما تعلقت به ارادته تعالى وهو تخلف المراد عن ارادته تعالى، لوضوح انه في مقام تكاليف الكفار والعصاة إذا كانت التكاليف جدية حقيقية فهي إذا مسبوقة بالطلب الحقيقي الذي هو الإرادة الحقيقية، والمفروض ان الكفار والعصاة لم يحصل منهم ما تعلق التكليف به، فما تعلقت به إرادة الله تخلف عن ارادته وهو مما قامت البراهين على عدم امكانه، ولا يعقل تخلف المراد عن
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 336 338 339 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست