وبالجملة: هما متحدان مفهوما وإنشاءا وخارجا، لا أن الطلب الانشائي الذي هو المنصرف إليه إطلاقه كما عرفت متحد مع الإرادة الحقيقية التي ينصرف إليها إطلاقها أيضا، ضرورة أن المغايرة بينهما أظهر من الشمس وأبين من الأمس. فإذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد، ففي مراجعة الوجدان عند طلب شيء والامر به حقيقة كفاية، فلا يحتاج إلى مزيد بيان وإقامة برهان، فإن الانسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة أخرى قائمة بها، يكون هو الطلب غيرها، سوى ما هو مقدمة تحققها، عند خطور الشيء والميل وهيجان الرغبة إليه، والتصديق لفائدته، وهو الجزم بدفع ما يوجب توقفه عن طلبه لأجلها.
وبالجملة: لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة والإرادة هناك صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب، فلا محيص إلا عن اتحاد الإرادة والطلب، وأن يكون ذاك الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات في إرادة فعله بالمباشرة، أو المستتبع لامر عبيده به فيما لو أراده لا كذلك، مسمى بالطلب والإرادة كما يعبر به تارة وبها أخرى، كما لا يخفى (1).
____________________
(1) ذهب الأشاعرة إلى مغايرة الطلب للإرادة، وهو من مصاديق الكلام النفسي الذي جعلوه من صفاته تبارك وتعالى في قبال العلم والإرادة كما يظهر من استدلالهم الآتي ان الطلب الحقيقي متحقق في الأوامر الامتحانية، وحيث لا إرادة حقيقية فلابد وأن يكون الطلب غير الإرادة، وقد انكر العدلية الكلام النفسي من راس وأنكروا تغاير الطلب والإرادة الذي ادعى الأشاعرة انه من موارد الكلام النفسي.
وحاصل ما ادعاه العدلية: ان الطلب عين الإرادة مفهوما وما هو مصداق أحدهما هو مصداق الآخر، لضرورة انه إذا كانا موضوعين بإزاء مفهوم واحد فلابد
وحاصل ما ادعاه العدلية: ان الطلب عين الإرادة مفهوما وما هو مصداق أحدهما هو مصداق الآخر، لضرورة انه إذا كانا موضوعين بإزاء مفهوم واحد فلابد