____________________
(1) لا يخفى ان الجواب عن هذا الاحتمال الأخير واضح، فإنه لا يلزم ان يكون الفعل الاختياري اختياريا إلى الأخير، فان كثيرا من الأفعال الاختيارية التي تصح العقوبة عليها تكون مقدورة واختيارية بالواسطة، فان من القى شخصا من شاهق فاصطدم بالأرض - مثلا - فمات يعاقب على إماتته مع أن موته استند إلى الاصطدام، ولكنه حيث كانت مقدمته اختيارية فهو اختياري، والمقام وان كان ليس في المقدور مع الواسطة، بل في المقدور بلا واسطة من الأفعال الاختيارية، الا انهما مشتركان في الجواب، فان الإرادة التي هي الجزء الأخير من العلة وان كانت بالوجوب تصدر الفعل الا ان هذه الإرادة الأخيرة ليست هي الا قوة الشوق الذي تأكد وبلغ إلى هذا المقدار، وحيث كان هذا الشوق قبل ان يبلغ هذه المرتبة في استطاعة العبد الاعراض عنه وجعل المانع عنه من ناحية العقل الذي يدرك ان الشوق إذا بلغ إلى حد الوجوب ولزوم صدور الفعل عنه يترتب عليه تبعة العقاب، وبامكان العبد وقدرته واستطاعته واختياره ان لا يرخى لهذا الشوق العنان حتى يبلغ حد الوجوب، فهو اختياري له وصادر عن اختياره فلذا صح العقاب عليه، ولا يعقل ان يكون كالاضطراري الذي لادخل لشوق العبد وقدرته فيه، مضافا إلى أن هذا الاحتمال بعيد عن مساق العبارة، فإنه لا ربط لهذا الايراد على هذا الاحتمال بالإرادة الأزلية، مع أن ظاهر الاشكال انه بنحو يرتبط بالإرادة الأزلية لقوله (قدس سره): ((كيف وقد سبقهما الإرادة الأزلية)).
فالا قرب ان المراد منه هو الاحتمال السابق على هذا الاحتمال: وهو كون نفس الاختيار غير اختياري.
والجواب عنه: هو انه بعد ما عرفت ان الاختيار هو كون الفاعل قادرا بحيث يستطيع ان يفعل ولا يفعل، وكونه بحيث ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل،
فالا قرب ان المراد منه هو الاحتمال السابق على هذا الاحتمال: وهو كون نفس الاختيار غير اختياري.
والجواب عنه: هو انه بعد ما عرفت ان الاختيار هو كون الفاعل قادرا بحيث يستطيع ان يفعل ولا يفعل، وكونه بحيث ان شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل،