من قاعدة " أولوية الجمع من الطرح " في المتعارضين هو " الجمع العرفي " الذي سماه الشيخ الأعظم ب " الجمع المقبول " (1) وغرضه المقبول عند العرف. ويسمى " الجمع الدلالتي ".
وفي الحقيقة - كما تقدمت الإشارة إلى ذلك - أنه بالجمع العرفي يخرج الدليلان عن التعارض. والوجه في ذلك: أنه إنما نحكم بالتساقط أو التخيير أو الرجوع إلى العلاجات السندية حيث تكون هناك حيرة في الأخذ بهما معا، وفي موارد الجمع العرفي لا حيرة ولا تردد.
وبعبارة أخرى: أنه لما كان التعبد بالمتنافيين مستحيلا، فلابد من العلاج: إما بطرحهما، أو بالتخيير بينهما، أو بالرجوع إلى المرجحات السندية وغيرها. وأما لو كان الدليلان متلائمين غير متنافيين بمقتضى الجمع العرفي المقبول، فإن التعبد بهما معا يكون تعبدا بالمتلائمين، فلا استحالة فيه ولا محذور حتى نحتاج إلى العلاج.
ويتضح من ذلك أنه في موارد الجمع لا تعارض، وفي موارد التعارض لا جمع. وللجمع العرفي موارد لا بأس بالإشارة إلى بعضها للتدريب:
فمنها: ما إذا كان أحد الدليلين أخص من الآخر، فإن الخاص مقدم على العام يوجب التصرف فيه، لأ أنه بمنزلة القرينة عليه.
وقد جرى البحث في أن الخاص مطلقا بما هو خاص مقدم على العام، أو إنما يقدم عليه لكونه أقوى ظهورا؟ فلو كان العام أقوى ظهورا كان العام هو المقدم. ومال الشيخ الأعظم إلى الثاني.