ومتى صح وأمكن أن تكون الحجية هي المعتبرة أولا وبالذات فما الذي يدعو إلى فرضها مجعولة ثانيا وبالعرض حتى تكون أمرا انتزاعيا؟
إلا أن يريدوا من " الانتزاعي " معنى آخر، وهو ما يستفاد من دليل الحكم على نحو الدلالة الالتزامية كأن تستفاد الحجية للأمارة من الأمر باتباعها، مثل ما لو قال الإمام (عليه السلام): " صدق العادل " الذي يدل بالدلالة الالتزامية على حجية خبر العادل واعتباره عند الشارع.
وهذا المعنى للانتزاعي صحيح، ولا مانع من أن يقال للحجية: إنها أمر انتزاعي بهذا المعنى. ولكنه بعيد عن مرامهم، لأن هذا المعنى من الانتزاعية لا يقابل الاعتبارية بالمعنى الذي شرحناه.
وعلى كل حال: فدعوى انتزاعية الحجية - بأي معنى للانتزاعي - لا موجب لها، لا سيما أنه لم يتفق ورود أمر من الشارع باتباع أمارة من الأمارات في جميع ما بأيدينا من الآيات والروايات حتى يفرض أن الحجية منتزعة من ذلك الأمر.
هذا كل ما أردنا بيانه من المقدمات قبل الدخول في المقصود. والآن نشرع في البحث عن المقصود، وهو تشخيص الأدلة التي هي حجة على الأحكام الشرعية من قبل الشارع المقدس. ونضعها في أبواب:
* * *