متقابلتين، وفي البعض الآخر متداخلتين. وتفصيل ذلك يخرجنا عن وضع الرسالة.
ونكتفي أن نقول على سبيل الاختصار:
إن الذي يظهر من أكثر كلمات المتنازعين في المسألة أن المراد من الأمر الانتزاعي هو المجعول ثانيا وبالعرض في مقابل المجعول أولا وبالذات، بمعنى أن الإيجاب والجعل الاعتباري ينسب أولا وبالذات إلى شئ هو المجعول حقيقة، ثم ينسب الجعل ثانيا وبالعرض إلى شئ آخر.
فالمجعول الأول هو " الأمر الاعتباري " والثاني هو " الأمر الانتزاعي ".
فيكون هناك جعل واحد ينسب إلى الأول بالذات وإلى الثاني بالعرض، لا أنه هناك جعلان واعتباران: ينسب أحدهما إلى شئ ابتداء وينسب ثانيهما إلى آخر بتبع الأول، فإن هذا ليس مراد المتنازعين قطعا.
فيقال في الملكية - مثلا - التي هي من جملة موارد النزاع: إن المجعول أولا وبالذات هو إباحة تصرف الشخص بالشئ المملوك، فينتزع منها أنه مالك، أي أن الجعل ينسب ثانيا وبالعرض إلى الملكية.
فالملكية يقال لها: إنها مجعولة بالعرض، ويقال لها: إنها منتزعة من الإباحة. هذا إذا قيل: إن الملكية انتزاعية. أما إذا قيل: إنها اعتبارية فتكون عندهم هي المجعولة أولا وبالذات للشارع أو العرف.
وعلى هذا، فإذا أريد من " الانتزاعي " هذا المعنى فالحق أن الحجية أمر اعتباري، وكذلك الملكية والزوجية ونحوها من الأحكام الوضعية.
وشأنها في ذلك شأن الأحكام التكليفية المسلم فيها أنها من الاعتباريات الشرعية.
توضيح ذلك: أن حقيقة الجعل هو الإيجاد. والإيجاد على نحوين: