غرضا لسهام النقض والإبرام حتى طعن عليه من تأخر عنه بأكثر مما أوردوه على القول بالظن المطلق» (1) إلى آخر ما قال.
وبمراجعة ما قدمناه يظهر عدم الفرق بين الإمامين، إلا - ما لا يؤبه به - في الاختلاف الطفيف في التعبير، فكل منهما يقول بالظن الخاص، ووجوب الاقتصار على الثقلين الشريفين، وبانحصار الحجة فيهما وفيما يؤول إليهما، وأن الواجب بعد فرض عدم العلم بحجية شيء منهما يجب الرجوع إلى مظنون الحجية فيهما، ولا يجوز الإعراض عنهما والتمسك بغيرهما.
فخبر الثقة - مثلا - إن لم يكن مقطوع الحجية فهو مظنونها بلا شك، فاللازم عند الإمامين بحكم الدليلين لزوم الرجوع إليهما.
وكذا لو فرض وقوع الشك في وثاقة أحد الرواة، فلا بد عندهما من بذل الجهد من تحصيل الظن بوثاقته من أي طريق حصل، وبعده يكون حجة قطعية بحكم العقل، ولا حجية لطريق خارج عنهما ولو حصل الظن بالواقع منه، وعلى هذا يشهد جميع ما أورداه وما ذكرناه في شرح كلامهما.
وما ذكره - طاب ثراه - في الفرق الأول يتوقف التصديق به على فهم مراده من الطريق الفعلي، ولا يظهر لي الآن على ما أنا عليه من كلال الأنامل من ملازمة القلم وملال القلب من تصارع الهم فيه مع الهمم، إلا أن المراد هو الذي يبني عليه المجتهد بعد ملاحظة جميع الأدلة ومعارضاتها، وما يلزم المستنبط للأحكام مراعاتها، فيظن باكتفاء الشارع بها، وعلى هذا المعنى شواهد من كلامه فيما نقلناه أو حذفناه.
وهذا يطابق ما ذكره في الفرق الثاني، وإلا فما معنى قوله على الوجه الثاني: «لزوم البناء على ما يظن بلزوم البناء عليه من أصل أو دليل»؟.