فأحسن تقريراته ما حققه السيد الأستاذ، وقد فاتني الحضور عليه في هذه المسألة وسماعه منه. ولكن صاحبنا العلامة وشريكنا في الحضور عليه قد أخذها من عين صافية وأداها بعبارة شافية، وليت أن أنقله (1) من كتابه بحروفه، فإنه أثبت في النقل وأقرب إلى ما أتوخاه من المحافظة على تحقيقاته قدس سره.
أقول: هذا أقصى ما يصل إليه الفكر الصائب والنظر الثاقب، ولكنه لا يجدي إلا في دفع محذور الاجتماع في مقام جعل التكليف، على صعوبة تقريره على القول بأن الشارع هو الله تعالى.
وأما في مقام الامتثال فالمحذور باق على حاله، إذ الفرد المأتي به إذا لم ينحل إلى موجودين يلزم أن يكون مقربا ومبعدا معا، وراجحا ومرجوحا، وذا مصلحة ومفسدة كذلك.
وأرى أن أنصف من نفسي، وأعترف بعدم وصول فهمي إلى حقيقة مراده طاب ثراه، وأرى - إلى أن يفتح الله سبحانه علي باب فهمه - أنه لا بد في إكماله إلى الحيلة في حل الفرد إلى فردين.
ونقول في بيانه بعد بيان مقدمة، وهي أن متعلق التكليف قد يكون من أفعال القلب، وقد يكون من أفعال الجوارح، وقد يكون موضوعه شخصيا كإكرام زيد، أو كليا كإكرام العلماء، وقد يكون فعلا ابتدائيا للمكلف وقد يكون توليديا، وقد يكون متعلقا له بعنوان كالتكلم، وقد يكون بانطباق عنوان آخر عليه كالغناء، وقد يكون مرتبطا بالغير كالضرب، وقد لا يكون كالقيام، هذا باعتبار كل تكليف مع متعلقه.
وأما باعتباره مع متعلق تكليف آخر، فتارة يكونان من مقولة واحدة كالجرح والقتل، وتارة يكونان من مقولتين كالصلاة والغصب، بناء على أنها من