الخامس: قد يفرض التعارض فيما بين التبادر وعدم صحة السلب، وبينه وبين صحة السلب.
أما الأول: فكما لو قضى التبادر بكون لفظ حقيقة في شيء ومجازا في غيره كما إذا كان بمعناه الأخص، أو سكت عن المجازية كما لو اعتبر بمعناه الأعم، وعدم صحة السلب بكونه حقيقة فيما قضى التبادر بمجازيته ومجازا فيما قضى بحقيقيته كما إذا اعتبر بمعناه الأخص، أو سكت عن المجازية كما إذا اعتبر بمعناه الأعم، فصور التعارض من الأربع الحاصلة من ضرب صورتي التبادر في صورتي عدم صحة السلب ثلاث بعد إسقاط الصورة الرابعة، وهي ما لو اعتبرا معا بمعناهما الأعم، لعدم تعارض حينئذ من حيث سكوت كل عما كان يقتضيه صاحبه، فيحكم بالاشتراك لو كان كل اجتهاديا ولا ضير فيه، لأن المتبع هو الدليل والمفروض إن دليل منعه تعليقي فلا يعارض غيره، وبتقديم الاجتهادي في صورة الاختلاف، ومع كون كل فقاهيا يؤخذ بموجب عدم صحة السلب، لكونه باعتبار ندرة تخلفه عن الوضع بالقياس إلى التبادر الذي يكثر فيه التخلف كالنص، فيعود المسألة إلى تعارض النص والظاهر.
وأما الثاني: فكما لو قضى التبادر في قضية شخصية بالحقيقية وصحة السلب بالمجازية، والمنسوب إلى المشهور حينئذ تقديم صحة السلب بقول مطلق.
وقد يفصل بما يقرب مما مر بعد تصوير الصور أربعة حاصلة عن ضرب الاجتهادي والفقاهي من أحدهما فيهما من الآخر، وإسقاط الاجتهاديين حذرا عن القطع في قضية شخصية بطرفي النقيض فيقدم الاجتهادي من كل منهما مع الاختلاف، وأما مع عدمه فيقدم صحة السلب لكونها من التبادر بمنزلة النص من الظاهر، لندرة تخلفها عن ذيها، وشيوع تخلفه عنه بكثرة استناده إلى القرينة في نفس الأمر.
أقول: هذه الكلمات في النظر الدقيق واردة على خلاف التحقيق، بل فرض التعارض بين العلامتين كسائر علامات الحقيقة والمجازات من القضايا الغير