جوازه مجازا يندفع أيضا بعدم ثبوت الرخصة في هذا النوع من المجاز، نظرا إلى أن المجازات كالحقائق وحدانية والذي علم ترخيصهم فيه من التجوز إنما هو الاستعمال في مجازي واحد، وأما الاستعمال في مجازين وما زاد فلم يعلم ترخيصهم فيه، وعدم العلم بالرخصة كاف في عدم جواز الاستعمال، فإن جواز الاستعمال مشروط بالعلم أو الظن بالرخصة.
وقد سبق منا في المقدمات ما يقضي بضعفه بما لا مزيد عليه، من أن الوضع وإن حصل في حال انفراد المعنى إلا أنه لا يوجب اختصاصه بتلك الحالة، بحيث كان المعنى في غيرها خلاف ما وضع له بحسب ذلك الوضع، مع فرض كون المعنى المنضم إليه مرادا باعتبار وضع نفسه لا بحسب ذلك الوضع.
نعم إنما لا يجوز ذلك لما بيناه من أن الوضع إنما يقتضي جواز الاستعمال باعتبار ما تضمنه من إذن الواضع فيه، وهو بالنسبة إلى الاستعمال المفروض غير معلوم الثبوت، وهو كاف في الحكم بعدم الجواز.
ومنها: ما قيل في المناقشة في القول بالجواز من أنه يستلزم ذلك في التثنية والجمع بإرادة معنيين لا أقل من المفرد، ففي التثنية يلزم جواز استعماله في أربعة وهكذا في الجمع، واستنكاره غير خفي على ذي مسكة، وبذلك يرفع التفرقة بين المفرد والتثنية والجمع، بل يبطل الحصر بين الاسم والفعل والحرف، لوجود رابع وخامس وهكذا، وكأن المراد به أن تجويز إرادة معنيين من المفرد يستلزم تجويز إرادة أربع معان من تثنيته، لكون التثنية ما يدل على ضعف مدلول مفرده، وهكذا في الجمع على ما يقتضيه وضع الجمعية.
وقضية ذلك في التثنية على تقدير إرادة ثلاثة معان من المفرد أن يراد منها ست معان وهكذا، وهذا مما يستنكره الطبع ويستهجنه العرف.
ويدفعه: منع الملازمة على كلا القولين في وضع التثنية والجمع من اعتبار اتفاق اللفظ والمعنى معا فيهما، أو كفاية اتفاق اللفظ فقط، أما على القول الأول:
فلأن مبناه فيما إذا أريد من المفرد معنيان على تأويله بالمسمى، ليكون المعنيان فردين منه.