وأخص من يتوجه إليه هذا الإشكال من صرح من الأعلام كجماعة بأن هذه الأدوات موضوعة للفرد والفردين والأفراد، فإن الأدوات إذا كانت حروفا فكيف يقال بوضعها للمعاني الاسمية، فلابد في الذب عن الإشكال المذكور من التزام وضع آخر نوعي متعلق بالمركب لنفس الفرد والفردين والأفراد فمدلول كل من المفرد والتثنية والجمع ينحل إلى أمور ثلاث، ذات الفرد والفردين والأفراد وهي مدلول الهيئة التركيبية والكمية القائمة به من الوحدة والاثنينية وما فوقها، وهي مدلول الأدوات والماهية وهي مدلول المادة، وهذا هو معنى ما يقال: من أن النكرة موضوعة بالنوع لفرد ما من الماهية، والتثنية لفردين منها، والجمع لأفراد منها، فالمتجه حينئذ هو القول الأول.
وتوهم أن الذب عن الإشكال يتأتى بجعل ذات الفرد وحدانيا وثنائيا وثلاثيا مثلا مدلولا التزاميا لمجموع مدلولي المادة والأدوات بلا حاجة له إلى معبر آخر، فإن الماهية وقيدها الذي هو الكمية بأنواعها الثلاث تستلزم اعتبار فرد يقوم به هذه الكمية، فتكون الدلالة عليه التزامية.
يدفعه: أن المدلول الالتزامي ما يحصل الانتقال إليه بواسطة الانتقال إلى المدلول المطابقي فيكون ثانويا، ويأباه هنا كون المتبادر أولا وبالذات من النكرة هو فرد ما، ومن التثنية فردان ومن الجمع أفراد من الماهية، وهذا يكشف عن كونه مدلولا مطابقيا للهيئة التركيبية، مضافا إلى أن المقصود بالأصالة في الكلام فيما علق فيه الحكم على النكرة أو التثنية أو الجمع، والموضوع الأصلي للحكم في خطابات الشرع والعرف إنما هو الفرد والفردين والأفراد، فمن البعيد كونه مدلولا التزاميا.
هذا كله في " رجل " و " رجلين " ونظائرهما، و " مسلمين " و " مسلمين " وأشباههما، من مثنيات أسماء الأجناس وجموعها، وأما نحو " زيدان " و " زيدون " وغيرهما من مثنيات الأعلام وجموعها فلا يجري فيه الإشكال المذكور أولا وبالذات، لأن الكمية المذكورة من الاثنينية وما فوقها قائمة بنفس