أ نه لا يلتفت إلى الوصف المذكور ولا يأخذه في الوضع أصلا، ومن أنكره فقد كابر وجدانه.
ويشهد بذلك أيضا ظاهر كلام أئمة اللغة في كتبهم عند ضبط معاني الألفاظ، حيث لا يتعرضون إلا لبيان نفس المعنى من دون إشعار بوصفه ولا إشارة إليه، وإنما أردنا من عدم التفات الواضع حين الوضع إلى ما زاد على نفس المعنى ما يعم عدم الاعتناء لا ما يرادف الغفلة، فلا ينافي إسناده إلى الواضع توقيفية اللغات نظرا إلى استحالة الغفلة منه تعالى.
لا يقال: كيف تنكر جزئية قيد " الوحدة " مع أن المعنى حال الوضع واحد، فالوضع حاصل بإزاء المعنى حال وجود الوحدة والانفراد، إذ لا ملازمة بين وجود وصف مع المعنى حين الوضع ودخوله في الوضع وأخذه جزءا للموضوع له.
ألا ترى أن وضع العلم حاصل حال صغر المسمى مع عدم دخول الوصف في الوضع، ولذا كان استعماله في جميع حالات المسمى من الصغر والكبر والشيخوخة والهرم حقيقة.
فإن قلت: إن تبادر الوحدة من المشترك مما يرشد إلى كونها جزءا كما اعتمد عليه المصنف وغيره، فإن المتبادر منه عند الإطلاق واحد من معانيه بعينه عند المتكلم، وإن لم يكن معينا للسامع.
وبعبارة أخرى: تبادر المعنى الواحد وهو علامة دخول الوحدة أيضا في الوضع.
قلت: هذا التبادر إطلاقي على معنى كونه من لوازم الاستعمال، ومنشؤه جريان العادة في المحاورات بأن لا يراد من المشترك إلا أحد معانيه بعينه عند المتكلم، أو غلبة استعماله في الواحد، وليس وضعيا كاشفا عن الوضع باعتبار كون المتبادر مما وضع له اللفظ، فلا يعبأ به.
وكما اندفع بما ذكرناه القول بجزئية قيد " الوحدة " فكذلك اندفع القول بقيديته، ثم إن ها هنا توهمين: