صدق القضية على كلتا الجهتين يلزم اجتماع النقيضين، وإن اعتبر صدقها على جهة الضرورة يلزم سقوط الممكنة الخاصة عما بين القضايا، ويبطله - على ما قرر في محله - دليل الخلف، هذا مضافا إلى كون هذا التقدير على خلاف القانون المقرر في الحمل من لزوم أخذ محمول القضية باعتبار المفهوم قبالا لموضوعها المأخوذ باعتبار المصداق.
وقد يفصل في المقام بين ما لو كان المشتق للثبوت " كالأبيض " و " الأسود " و " الحسن " و " القبيح " و " العطشان " و " الجوعان " و " الشريف " و " الظريف " و " الطاهر " و " النجس " وما أشبه ذلك، فإن المنساق منها - حسبما يجده الذوق السليم والوجدان المستقيم - ليس إلا أمورا بسيطة، ولذا يعبر عنها في الترجمة الفارسية ب " سفيد " و " سياه " و " خوب " و " بد " و " تشنه " و " گرسنه " و " أصل مند " و " شوخ " و " پاك " و " پليد " وهذه كلها كما ترى مفاهيم بسيطة لا يعتبر فيها في العرف تركيب، وبين ما لو كان للحدوث " كالضارب " و " القاتل " و " الناصر " و " البايع " وما أشبه ذلك، فإن معانيها مفاهيم مركبة تتضمن نسبا إجمالية، ولذا يقال في ترجمتها الفارسية " زننده " و " كشنده " و " يارى كننده " و " فروشنده " وهذا التفصيل قد استفدناه من بعض مشايخنا مد ظله (1) فالأقوال ثلاث.
والتحقيق على ما يساعد عليه النظر هو الأول، ووجهه - مضافا إلى ما مر من قضية ثبوت الوضعين - التبادر في مثل " أكرم العالم " و " رأيت عالما " على ما يدرك بالوجدان من انفهام الذات والوصف القائم بها، ولذا يتردد الذهن في الثاني لمكان الإبهام في الذات المدلول عليها ويصح السؤال عن تعيينه بعبارة " ومن العالم " مع ما في القول بالأمر البسيط المنتزع من فساده بعدم معقولية معنى هذه العبارة، فإن معنى اللفظ الموضوع الدائر في الاستعمالات الجاري على لسان كافة أهل اللسان لابد وأن يكون أمرا معقولا مدركا بحسب الذهن يعرفه كل أحد،