وقد يشكل الحال في محل الاختلاف بين شهرة القدماء وشهرة المتأخرين بكون إحداهما في جانب التخصيص والأخرى في جانب المجاز، من قرب عهد القدماء بزمان أهل العصمة، وكثرة تعهدهم بالقرائن الموجودة ثمة ومن دقة نظر المتأخرين وكثرة تحقيقهم.
وقد توجب الخصوصية الطارئة لتكافؤ الحالتين وتساوي الظهورين، كتخصيص المساوي مثلا.
وبالجملة: فلابد في الترجيح من ملاحظة المقام، ومراعاة الخصوصيات الطارئة له.
هذا كله فيما يرجع إلى الصغرى وهو تشخيص الأظهر عن غيره.
وأما الكبرى وهو وجوب الترجيح بالأظهرية والأخذ بظهور الأظهر وإرجاع التصرف إلى الظاهر، فكون ذلك أوفق بغرض المتكلم وأقرب بمقام الإفادة والاستفادة مما لا ينبغي أن يستراب فيه، إنما الكلام في الالتزام بذلك في مجرى عادات المتكلمين من أهل العرف، بمعنى أنه كما إن مبنى المحاورة ومدار الإفادة والاستفادة في غير محل التعارض على الأخذ بأصالة الحقيقة، والتعويل على الظهور الأولي، فهل هو في محل التعارض أيضا على الأخذ بظهور أظهر الظاهرين والعمل بأصالة الحقيقة فيه، وإرجاع التصرف إلى الظاهر، أو لا التزام في بناء أهل العرف وطريقة أهل اللسان، بل قد يؤخذ به وقد يؤخذ بظهور الظاهر.
ولكن الذي ينبغي أن يقطع به هو الأول، لإجماع العلماء على الترجيح بالأظهرية من غير خلاف، ولو وجد خلاف في بعض صور المسألة فهو راجع إلى الصغرى كما يظهر بالتدبر.
وهذا الإجماع لا ينبغي أن يكون عن مستند شرعي لأن المسألة لغوية، والمسائل اللغوية لا تؤخذ من الشرع، بل لابد وأن يكون عن مستند عرفي، فيكشف عن كون الترجيح بالأظهرية وإرجاع التصرف إلى غير الأظهر من مجاري عادات العرف، وإن الواجب في بناء أهل اللسان الأخذ بأصالة الحقيقة