تقدير كونها صلاة على وجه الحقيقة، وما لو ورد في خبر آخر مثلا من قوله (عليه السلام):
" يستحب الوضوء لصلاة الجنازة " فإما أن يخصص الأول بما عدا صلاة الجنازة، أو يحمل قوله " يستحب " على إرادة " يجب " مجازا.
ومن الأعلام من زعم الاقتصار في ترجيح التخصيص على الصورة الأولى، حيث خص غلبة التخصيص به في مقابل المجاز في العام لا مطلقا، أو عليها وعلى الصورة الثانية أيضا بناء على أحد احتمالي عبارته وإن ضعف، بناء على أن يكون المراد من المجاز في العام المجاز في الكلام المشتمل على العام ولو في لفظ آخر غير العام، التفاتا إلى شيوع إطلاق العام في كلمات الفقهاء والأصوليين على نحو هذا الكلام، وكأ نه من باب تسمية الكل باسم الجزء.
لكن قضية إطلاق الأصوليين بكون التخصيص أرجح عدم الفرق بين الصور الثلاث، وهو المستفاد أيضا من تضاعيف كلام الفقهاء في الكتب الاستدلالية، حيث نراهم في مقام ترجيح أحد الدليلين المتعارضين إذا كان تعارضهما بالمجاز والتخصيص، يرجحون التخصيص على المجاز.
وهذا هو الحق الذي لا محيص عنه لاتحاد المناط، فإن شيوع التخصيص وغلبة وقوعه في الخارج إذا أوجب وهنا في ظهور العام في العموم كان العام أضعف الظواهر فكان غيره أظهر، وإذا كان الحقيقة أظهر في معناه الحقيقي من العام في العموم، فلا يتفاوت الحال فيه بين الصور الثلاث المذكورة.
وما يقال: من أن التخصيص أغلب أفراد المجاز في العام لا مطلقا، ويجعل ذلك وجها في الفرق ومناطا لتخصيص القاعدة بالصورة الأولى، أو بما عدا الصورة الأخيرة.
يدفعه: إنه على فرض تسليمه، إنما يصح لو قصد بإحراز شيوع التخصيص وغلبة وقوعه التمسك في الترجيح بقاعدة الإلحاق، أعني إلحاق مورد الشك بالأعم الأغلب، فيقال - في مقام المناقشة في الدليل -: بأن القاعدة إنما تجري في بعض الصور.