نفسه وماله وأسرته في نصرتهم وتشييد أركانهم والإحسان إليهم وإعانتهم على نشر الاسلام والمجاهدة مع أعدائهم فضلا عن نشر العدل والإحسان في عامة العباد والبلاد، فيلزم تساوي الفريقين في الجزاء.
ومن المعلوم بضرورة العقول فساد الالتزام بذلك، وكيف يجوز مع ذلك إلزامهم في الدعاوي والمرافعات وسائر الأفعال بشئ وهو خلاف الضرورة.
والقول بتكليفهم في ذلك كله بفروع مذهبهم مخالف لمقتضى النسخ، على أنا نتكلم في الكافر الذي لم يعتقد بشئ من الشرائع والأديان.
وفيه: أنه إن أريد تساوي الكفار بالنظر إلى الواجبات السمعية فبطلان التالي ممنوع، وإن أريد تساويهم في ذلك مع اختلافهم في ارتكاب القبائح العقلية وأقسام الحسن العقلي فالملازمة ممنوعة، لما عرفت من إمكان اختصاص محل المسألة بغير الأحكام العقلية.
الرابع: خصوص عدة من الآيات والروايات الدالة على مؤاخذة الكفار بالفروع، ففي النواهي مثل قوله سبحانه: * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب) * (1) الآية. وفي الأوامر قوله عز من قائل: * (وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة) * (2) وقوله تعالى: * (فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى) * (3) وقوله سبحانه: * (ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين) * (4).
وقد يورد بأن التهديد والذم على مخالفة المجموع المركب من الأصول والفروع لا يستلزم استقلال البعض في ذلك، فلا يفيد المطلوب.
وضعفه ظاهر، إذ لو فرضنا عدم إرادة الفروع من الكفار لم يكن لمخالفتهم