فيه حصول أثر الفعل ولو من غير الفاعل المختار حيث لا يقصد منه سوى حصول الأثر، كما في إزالة النجاسات.
وهل الأصل فيما جاز فيه ذلك اشتراط العدالة في النائب أو عدمه؟ وفائدة التوجهين إنما يظهر مع الشك في وقوع الفعل، إذ مع القطع به أو بعدمه لا فرق بين عدالة النائب وفسقه، إنما يكون ذلك حيث يراد التعويل على قول النائب في وقوع الفعل. فيمكن البناء على الاشتراط اقتصارا على المتيقن من سقوط التكليف، وعملا بعموم ما دل على وجوب التبين في خبر الفاسق وما دل على عدم كونه أهلا للأمانة والمنع من الركون إليه وسقوطه عن درجة الاعتبار والايتمان ونحو ذلك. ويحتمل البناء على الصحة في قول النائب وفعله، للأمر بوضع أمره على أحسنه وغيره مما دل على أصل الصحة في أفعال المسلمين. بل قاعدة الصحة تعم فعل المسلم وغيره على ما قرر في محله.
وقد يفصل بين ما يكون مسقطا للتكليف عن الغير أو حجة عليه أو تصرفا في ماله بدون إذنه وغير ذلك، فيشترط العدالة في الصور الأولى خاصة - كما في نائب العبادات الواجبة عن الحي أو الميت باستنابة المنوب عنه بنفسه أو وليه أو وكيله وإمام الجمعة والجماعة والشاهد والقاضي والكاتب والمترجم وعامل الصدقة والمقوم والمقسم ومنصوب الحاكم في نظارة الوقف والحقوق العامة ومال الصبي ومطلق المحجور عليه والأمانات الشرعية إلى غير ذلك - ومحل المسألة من القسم الأول. لكن ظاهرهم قبول قول الوكيل في العقود والإيقاعات وتطهير المتنجسات، بل مطلق المسلم بل الفاعل حيث يتحقق صدور الفعل منه، فيسمع قوله فيما لا يعلم إلا من قبله أو فيما لا معارض له أو ما أشبه ذلك، مع استلزامه لحجية قوله على غيره وسقوط التكليف عنه.
وتفصيل القول في ذلك يطلب من مظانه في الفقه، لرجوعه إلى الأدلة الخاصة والقواعد الفقهية. وإلا فمن البين أصالة عدم حجية قول الغير إلا في موضع اليقين، كما أن الأصل عدم الاكتفاء بفعله إلا مع قيام الدليل عليه على الوجه الذي دل عليه كما لا يخفى.