وفيه أولا: أن التكليف بفعل العبادة من أول الوقت بشرط الاسلام مما لا يتصور له مانع أصلا وإن كانت مضيقة، إذ الاسلام لا يسقطه في وقت العبادة قبل تعذرها وكان ذلك كتكليف المحدث بالصلاة. فيكون مكلفا بترك الكفر والإتيان بالعبادة في زمانها، ولا يلزم منه القضاء لو لم يفعل، لأنه بأمر جديد، ولو كان بالأمر الأول لاختص بما لم يقم فيه دليل على سقوطه كبعض العبادات التي لا قضاء لها.
وثانيا: أن ما ذكر لا يجري في الواجبات التي لا تفتقر إلى القربة فضلا عن النواهي، فلا شبهة في تمكن الكافر من الإتيان بتلك الواجبات - كرد الوديعة، والوفاء بالعقود وما أشبه ذلك - والاجتناب عن المحرمات خصوصا فيما يستقل العقل بإدراكه، كتحريم القتل والظلم وما أشبه ذلك بناء على تعميم محل المسألة لمثل ذلك.
فإن قلت: إن من جملة الفروع هو التكليف بقضاء الفوائت والكفارات المقررة في جملة من المقامات ومن البين اشتراطهما بالإسلام وسقوطهما بعده، فكيف!
يعقل تكليف الكافر بهما مع اشتراطهما بالإسلام الموجب لسقوطه، لرجوعه إلى الأمر بهما بعد الاسلام فيكون منافيا لما دل على سقوطه بالإسلام، فيلزمه عدم تكليف الكافر بهما وإن عوقب على موجبهما.
قلت: إن التكليف بهما ثابت عليه أيضا قبل حصول المسقط إكمالا للحجة عليه، ولولاه لم يكن للإسقاط معنى محصل فيجب الإتيان بهما، وتعبيرهما من الفروع مع ثبوت اشتراطها بالإسلام وتحقق وجوبه من باب المقدمة زيادة على وجوبه الذاتي، إلا أن وقوع الاسلام في الخارج قاض بسقوط التكليف عنه من حينه، ولا امتناع في التكليف بمثله.
نعم لو كان الاسلام كاشفا عن انتفاء التكليف من الأصل امتنع، وليس كذلك.
فإن قلت: إن التكليف بالفعل المشروط بالإسلام حينئذ في معنى التكليف بالفعل بعد سقوطه، وهو محال.