الآيات وغيرها مما جاء في الكتاب والسنة من الأحكام الوضعية، ومرجعها إلى الأحكام التكليفية وإن قلنا بثبوتها على الاستقلال أيضا. هذا مضافا إلى جميع ما دل على اشتراك العباد في التكاليف والأحكام وأن حكم الله في حق الأولين والآخرين سواء.
الثاني: ما جاء في حدود الاسلام والإيمان واشتمالها على العمل بالأركان والإقرار باللسان، والأخبار في ذلك كثيرة جدا وفي جملة منها اعتبار الإتيان بالفرائض المعروفة، فيكون التكليف بهما في معنى التكليف بتلك الفرائض والأعمال.
فإن قلت: إن المعروف خروجها عن حقيقتهما كما يدل على ذلك أخبار كثيرة أيضا، فالمقصود اعتبارها في بلوغهما حد التمام والكمال.
قلت: مقتضى القول بعدم تكليف الكفار بالفروع أن لا يكونوا مكلفين إلا بشئ واحد هو الاعتقاد بالأصول المعروفة، فلا يكون لشئ من جوارحهم تكليف أصلا، مع ما علم من تكثر درجات الإيمان ومراتبه وتوزيعه على الجوارح والأعضاء بحسب الأفعال المتعلقة بكل منها. واعتبارها في الإيمان الكامل لا يقدح في اندراجها في التكليف بالإيمان وإن ترتبت الواجبات بعضها على البعض كترتب كل من الأصول والفروع بعضها على بعض، فليس الحال في ترتب الفروع على الأصول إلا ما هو الحال في الترتب الحاصل بين أحكام أحدهما، فيكون التكليف متعلقا بجميعها على الترتيب فلا تغفل.
الثالث: أن التكليف بالفروع لو اختص بأهل الاسلام لزم تساوي جميع الكفار في استحقاق العقوبة مع شدة اختلافهم في الأخلاق والملكات والأفعال الحسنة والقبيحة، فيلزم التسوية بين المرتكب منهم للقبائح العظيمة - كقتل الناس أجمعين، وتخريب بلاد المؤمنين وسبي نسائهم وذراريهم ونهب أموالهم، وقتل الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) كمثل ما وقع في حق أهل البيت (عليهم السلام)، وما صدر من مثل چنكيز وبخت النصر - وبين الكافر الأمين الذي أعان المؤمنين وآواهم ونصرهم وبذل