ويرد على الأول: أن المحمول على ما هو طريقة الحمل عين المنكر، وهو حقيقة الفرد المنتشر دون الفرد الخاص، فقضية الحمل على ما ذكره المستدل اتحاد الموضوع المذكور مع المحمول الذي هو الفرد المنتشر، فينبغي أن لا يصدق إلا حيث يصدق.
وعلى الثاني: أن التزام دلالة المحمول المنكر على الحصر من حيث نفسه ظاهر الفساد، إذ مع قطع النظر عما ذكر من شيوع الاستعمال لا يكاد يفهم منه معنى الحصر أيضا في شئ من الاستعمالات، ولا توهمه متوهم في شئ من المقامات، وهو الوجه في عدم وقوع استعماله في الحصر، لا أنه الوجه في عدم إفادة الحصر.
وثانيا بالحل، وهو: أن الحمل والصدق إنما يستدعيان الاتحاد في الوجود الخارجي، ومن البين اتحاد الكلي مع كل فرد من أفراده في الخارج، وانما يختلفان بحسب المفهوم، فالحكم بأن جنس الكرم - مثلا - موصوف بكونه حاصلا في العرب لا يستلزم انحصار أفراده فيهم، لجواز أن يثبت لهم في ضمن فرد ولغيرهم في ضمن فرد آخر.
وقد يجاب عنه: بأن ما ذكر إنما يتم في المحمول المنكر، ولذا لم يقل أحد بإفادته للحصر كما ذكر. وأما التعريف باللام فإنه يقتضي الإشارة إلى مدخولها على وجه التعيين، وليس المراد منه الحقيقة الجنسية من حيث هي، إنما يراد به تلك الحقيقة مقيدة باعتبار الخارج. ومن المعلوم أن الماهية الخارجية عند عدم العهد لا تعين لها إلا باعتبارها من حيث تمام تحققها وتحصلها في الخارج، فحملها على الفرد المخصوص يدل على أنه قد حاز تمام تلك الحقيقة الخارجية، فلم يبق لغيره حظ منها، وإلا لم يكن جائزا للكل، بل للبغض، فيدل على الحصر.
وفيه: أن لام التعريف إنما يقتضي الإشارة إلى الحقيقة الجنسية من حيث تعينها في نفسها وامتيازها عن سائر الحقائق، ولو اقتضى الإشارة إلى تمام الأفراد الخارجية من حيث إنها تمام تحصلها في الخارج لدل على الاستغراق، وقد عرفت ضعف البناء عليه.