الزاني مائة فإنه يوجب إباحة الخمسين بمعنى مطلق الإذن في الفعل، وإلا لم يلزم، كإباحة الحكم بالشاهدين فإنه لا يستلزم الحكم بالواحد، لعدم دخوله تحت الحكم بالأول. وكذا لو كان إيجابا فإن إيجاب الكل مستلزم لإيجاب كل جزء منه، وإن كان حظرا فقد يكون الحكم في الناقص أولى، كحظر استعمال ما دون الكر عند حظر استعمال الكر، وقد لا يكون، كتحريم جلد الزاني زيادة على المائة فإنه لا يوجب تحريم المائة.
ومنها: ما ذكره بعضهم من أن العدد إما أن يكون علة لحكم، أو لا، فإن كان علة دل التعليق عليه على ثبوته في الزائد، لاشتماله على العلة دون الناقص، وإلا فإن كان الحكم حظرا أو كراهة دل على ثبوت أحدهما في الزائد، لاشتماله على موضوع الحكم دون الناقص، وإن كان إيجابا أو ندبا أو إباحة دل على ثبوت مثله في الناقص، لاندراجه في موضوعه دون الزائد.
وأنت خبير بأن الوجوه المذكورة لا محصل لها إلا ما ذكرناه، إذ لا يطرد الحكم في ما ذكر، إنما المدار على إلغاء الخصوصية بالنسبة إلى الزائد أو الناقص وعدمه، فليس شئ منها تفصيلا في محل المسألة.
نعم، قد يفصل بين ما إذا وقع جوابا عن المقيد فلا يفيد، وما إذا أطلق ولم يظهر له فائدة سوى المفهوم فيفيد ذلك، وإلا فلا.
وفيه أولا: أنه يمكن القول بخروج الأول والآخر عن محل المسألة.
وثانيا: أنه لو تمت الدلالة لم يكن في مجرد ظهور الفائدة الأخرى ما يمنع، بل ينبغي بناء الأمر فيه على أظهر الفوائد الممكنة، وإلا فلا فرق بين تحقق فائدة أخرى في الكلام واحتمال وجودها في المقام، فإن قيام الاحتمال أيضا يمنع من الاستدلال، إلا أن يقال بعدم العبرة بمجرد الاحتمال في فهم العرف، بل ينصرف الذهن إلى إرادة المفهوم حتى يتحقق هناك فائدة أخرى تبعث على صرف الكلام إليها، أو التردد في بنائه على إحداهما. وقد سبق في مفهومي الشرط والوصف ما يغني عن إعادة الكلام في هذا المقام.