" علمت " أو " ظننت " أو " أخبرت " أو أمرت بالأمر الفلاني إلا الشئ الفلاني فمفاده انتفاء أحدهما عن المستثنى وإن وافق المستثنى منه في الحكم الخارجي مع احتمالها الاستثناء عن متعلقهما، بخلاف ما إذا كان مدلوله النسبة الخارجية فالاستثناء منها يدل على انتفائها عن المستثنى بحسب الخارج، إذ لا يتحقق خروجه عما قبله ومخالفته له إلا بذلك.
واقتضى ما للحنفية أن مثل " لا صلاة إلا بطهور " (1) و " لا نكاح إلا بولي " (2) و " لا علم إلا بحياة " و " لا ملك إلا بالرجال " و " لا رجال إلا بالمال " و " لا مال إلا بالسياسة " إنما تدل على أن المستثنى منه مشروط بالمذكور لا يتحقق بدونه، وأما أنه يتحقق معه فلا. ولو كان الاستثناء من النفي إثبات للزم الثبوت معه البتة، وأن دلالة الألفاظ على الأمور الخارجية إنما يكون بتوسط الصور المرتسمة في الأذهان، فصرف الاستثناء إلى الحكم الذهني أولى، لتعلق اللفظ به ودلالته عليه من غير واسطة، ومقتضاه في الإخبار اخراج المستثنى عن الإسناد السابق، وفي الانشاء رفع الحكم السابق عنه، لا الحكم عليه بالخروج في الواقع.
وضعف الوجهين في غاية الظهور، إذ الأول إنما يرد على من يدعي دلالة الاستثناء من عموم النفي على عموم الإثبات والمدعى دلالته على الإثبات في الجملة. فإن كان هناك ما يفيد العموم - من دليل الحكمة أو غيره - دل عليه وإلا فلا. ففي الأمثلة المذكورة لا بد من تقدير المستثنى إن كان الطرف مستقرا متعلقا بمحذوف صفة له أي لا صلاة إلا صلاة بطهور، أو المستثنى منه إن كان لغوا أي لا صلاة بوجه من الوجوه إلا باقترانها بطهور، فيكون من الاستنثاء المفرغ.
وعلى الوجهين فمدلوله تحقق الصلاة بالطهور في الجملة أي من تلك الجهة، فالمراد حيث يكون مستجمعة لسائر ما يعتبر فيها كما لا يخفى.
ولو قلنا بدلالته على عموم الإثبات أمكن أن يقال بخروج ما ثبت فساده