إن الذي يطلق على كلا الأمرين هو لفظ " الآخر " فإنه كما يطلق على الطرف الخارج عن الشئ كذا يطلق على الذي ينقطع الكل عنده، كما يقال: أول الأنبياء آدم وآخرهم محمد (صلى الله عليه وآله). وأما لفظ " الغاية " وكلمة " إلى " التي للغاية فظاهر أنها تستعمل فيما إذا كان ما بعدها خارجا عما قبلها، وإلا لم يكن للغاية والنهاية، فإن كون نهاية الشئ خارجا عنه ضروري. وأما كلمة " إلى " التي لم تكن ما بعدها خارجا عما قبلها فهي بمعنى مع، وليست للغاية، فكان خارجا عما نحن فيه.
وربما يؤيد ذلك: أن المرافق حيث كانت عند الأصحاب داخلة في المغسول جعلوا لفظة " إلى " في الآية الشريفة بمعنى مع، كما ورد النص في ذلك، وذكره جماعة من مفسري الأصحاب.
وفيه: أن دعوى الضرورة على خروج نهاية الشئ عنه ممنوعة جدا، بل الظاهر عدم الفرق بين معنى الآخر والنهاية، لإطلاقهما على كلا الأمرين. ثم إنه لا يلزم في موارد ظهور الدخول أن يجعل " إلى " بمعنى " مع " لندرة استعمالها فيه، ولذا نقل نجم الأئمة وغيره الخلاف المذكور في " إلى " التي للغاية، ثم ذكر مجيئه بمعنى مع، ومثله بقوله تعالى: * (إلى أموالكم) * وقوله: * (إلى المرافق) * ثم جعل التحقيق فيه كونها بمعنى الانتهاء، أي تضيفونها إلى أموالكم، ومضافة إلى المرافق.
وعلى ما ذكرنا فلا حاجة في الأخير إلى التكلف المذكور لثبوت استعمالها بمعنى الغاية في كلا المقامين. نعم، يحتمل الأمران في الأول، لعدم وروده في انتهاء الغاية.
ومنها: أن الأصل عدم الدخول، لدوران الأمر فيه بين الزائد والناقص، ومن المعلوم أنه مع دوران الحادث بين الأقل والأكثر يتعين الاقتصار فيه على القدر المتيقن.
وفيه: أنه إن أريد بذلك الأصل العملي في الشبهة الحكمية توقف التمسك به على كون المغيا مخالفا للأصل فلا يطرد، مع أنه لا يؤثر في إثبات الوضع، ولا في دلالة اللفظ.