وخروجها فيدور مع الدليل، إلى أن قال: وقوله تعالى: * (إلى المرافق) * لا دليل فيه على أحد الأمرين، وبه قال في مشرق الشمسين وغاية المأمول وغيرهما، وليس ذلك من باب الاشتراك بين المتناقضين حتى يناقش في جوازه، نظرا إلى انتفاء الفائدة في وضعه على الاشتراك اللفظي، وفقدان القدر الجامع بين الوجود والعدم على المعنوي، وإنما يكون اللفظ على الوجه المذكور موضوعا للقدر المشترك بين طرفي المغيا وحديه الخارجين المتصلين بهما، بمعنى عدم كونه بحسب الوضع اللغوي منافيا لإرادة شئ من الأمرين، بل يجتمع مع إرادة كل منهما، فتكون الخصوصية موقوفة على قيام قرينة عليها، إلا أنه يكفي في قرينة الخروج عدم قيام قرينة على إرادة الدخول، لصدق الغاية حينئذ على أقرب الأمرين، ولأنه المتيقن من إرادة المتكلم، فيرجع القول المذكور إلى القول الأول، إلا أن الفرق بينهما يظهر في إثبات المفهوم في نفس الغاية وعدمه. فعلى الأول يلحق الغاية بما بعدها، ويحكم بمخالفتها في الحكم لما قبلها، ومثلها الحال في حد الابتداء فيلحق حينئذ بما قبله، بخلاف الوجه المذكور، لجواز مشاركة الحدين للمحدود في الحكم، وإنما لا يحكم بها، للزوم الاقتصار في القدر الداخل على المتيقن، فيرجع في نفس الحدين إلى مقتضى الأصل، فإن اقتضى مشاركتهما للمحدود أو لما قبله أو بعده حكم بأحدهما، وإلا لزم نفي الحكمين عنهما وإن كان مخالفتهما مع الجانبين في الحكم الواقعي مستبعدا، إلا أن العلم الاجمالي بأحد الحكمين قد لا يمنع من نفيهما جميعا بالأصل، وذلك مما يختلف بحسب اختلاف المقامات. هذا إذا لم يكن هناك عموم أو إطلاق يدل على إثبات الحكم المفروض في نفس الحدين أو نفيه عنهما، وإلا تعين الأخذ به على كل من الوجوه الثلاثة.
غاية الأمر الجزم بعدم المعارض على الأخير بخلاف الأولين، لاحتمال معارضة الإطلاق بمدلول الحدين، إلا أن الاحتمال لا يجدي في ذلك شيئا، إذ لا يجوز رفع اليد عن الدليل الشرعي بمجرد الاحتمال.
وهناك احتمال رابع مبني على ما ذكرناه من كون حقيقة الغاية أمرا اعتباريا،