بالشئ إلا دخوله، ولا للانتهاء عند الشئ إلا خروجه، ويضعفه بعد التفرقة بين الطرفين المتقابلين.
ومن المعلوم أن مفهومي الابتداء والانتهاء أمران متضادان، ومتعلقهما متقابلان واقعان في طرفي الغاية وحديهما، فلا وجه لدخول أحدهما وخروج الآخر، مع أنا لم نقف على مصرح بذلك إلا من نادر من المتأخرين، بل ربما يوهم كلام نجم الأئمة اختصاص الخلاف بالآخر، حيث قال: الأكثر على عدم دخول حدي الابتداء والانتهاء في المحدود. وقال بعضهم: ما بعد " إلى " ظاهر في الدخول إلى آخر كلامه.
ويمكن الجواب عن الوجه الأول:
أولا: أن الأمثلة مختلفة في ذلك، فكما أن المفهوم من الأمثلة المذكورة ما ذكر كذا المفهوم من أمثلة أخرى هو الخروج مطلقا، كما في الأمر بالسعي من الصفا إلى المروة ومن المروة إلى الصفا، وبعتك أو وهبتك الأرض من قرية كذا إلى قرية كذا ومن أخرى، وهو الدخول كذلك، كما في قولك: قرأته من أوله إلى آخره، وغسلته من قرنه إلى قدمه، وسرت من الكوفة إلى البصرة، إلى غير ذلك. وإذا كانت الأمثلة مختلفة في المعنى المفهوم منها لم يمكن الاحتجاج بشئ منها.
ويمكن أن يقال: إن القرائن في الأمثلة المذكورة قائمة على إرادة ما ذكر ظاهره في ذلك بخلاف الأولى، لما عرفت من تساوي نسبتي الدخول والخروج إلى ما هو عليه من الحال، وظاهر المقال، فإن من أمر عبده بالفعل المعين من يوم كذا إلى كذا صح امتثاله مع خروج الثاني دون الأول، وكذا الحال في الآجال المقدرة في العقود والشروط والنذور والأيمان والعهود وغيرها، وللمنع من ذلك مجال، لإمكان الاستناد إلى بعض القرائن في أكثرها ولا أقل من جريان العادة على التعبير بذلك عن المعنى المذكور، فيكون العادة هي القرينة، وأما ما لا يقترن بشئ من القرائن فيمكن المنع من استفادة المعنى المذكور منه.
وثانيا: أن صدق تلك الألفاظ مع خروج الغاية يمكن أن يكون مبنيا على