قوله: * (وخالف في ذلك السيد... الخ) *.
قد وافق السيد (رحمه الله) في ذلك الشيخ في العدة في جميع ما ذكره، لكن الذي يظهر من آخر كلامه هو التوقف، فإنه بعد أن بالغ في التسوية بين مفهوم الغاية والوصف والمنع منهما ذكر أخيرا: أن له في ذلك نظرا واختار هذا القول جماعة من أصحابنا، منهم صاحب الوافية وغيره، ومن العامة الآمدي في الإحكام وجماعة.
وعزاه الآمدي إلى أصحاب أبي حنيفة وجماعة من الفقهاء.
وهناك قول ثالث بالتفصيل بين ما إذا كانت الغاية منفصلة عن ذي الغاية بمفصل محسوس، كما في قوله تعالى: * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) * (1)، وما لم يكن كذلك، كما في قوله سبحانه: * (وأيديكم إلى المرافق) * (2).
ففي الأول يجب أن يكون حكم ما بعد الغاية مخالفا لما قبلها، للعلم حسا بانفصال أحدهما عن الآخر. وفي الثاني يجوز أن يكون ما بعدها داخلا في ما قبلها، حكاه العلامة في النهاية، واختاره في المبادئ وموضع من التهذيب. وبه قال الرازي في المحصول، وهو في محل المسألة لا يخلو من غرابة. وإنما يناسب الكلام في نفس الغاية، كما مر في تبيان الأقوال المذكورة فيها، وكأنه يؤيد ما قيل من اختصاص النزاع بنفس الغاية دون ما بعدها، إلا أن كلماتهم في عنوان المسألة بين صريحة وظاهرة في اختصاصه بما بعد الغاية كما عرفت.
نعم، كلام بعضهم يحتمل إرادة الغاية وما بعدها، فيكون الكلام في نفس الغاية مندرجا في محل المسألة، فلعل الجماعة المذكورة بهذا الاعتبار ذهبوا إلى التفصيل المذكور.
وقد يذكر في المسألة قول رابع، وهو: أن التقييد بالغاية يقتضي المخالفة بالنسبة إلى الحكم المذكور، بحيث يكون المفهوم من المثال المعروف انقطاع الصوم المأمور به بذلك عند مجئ الليل، ولا يقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها مطلقا حتى يكون مدلوله أن لا أمر بالصيام بعدها مطلقا ولو بأمر آخر.