المذكور. فظهر مما ذكر: أن الوجوه المذكورة بالدلالة على وضعها للأعم وخروج كل من الخصوصيتين مع انتفاء القرينة عن مدلول اللفظ أولى.
حجة القول بالدخول: أن البداية بمعنى الجزء الأول، والغاية بمعنى الجزء الآخر، ومن البين أن أول الشئ وآخره متقابلان داخلان في ذلك الشئ، فإرادة الخروج خروج عن مدلول اللفظ، وأن المتبادر من الإطلاق ذلك، كما في قولك:
قرأت الكتاب من أوله إلى آخره، واشتريت الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف.
وفيه المنع من كون الغاية بالمعنى المذكور، والمنع من كون أداتها موضوعة لذلك، بل كأنه إعادة للمدعى ومصادرة على المطلوب، والمنع من استناد فهم الدخول إلى الإطلاق، بل إلى القرينة كلفظ " الأول " و " الآخر " و " الطرف " في المثالين.
وحجة التفصيل بين الطرفين: أنه المتبادر من نفس اللفظ عند عدم القرينة، كما في قولك: قرأت القرآن من سورة كذا إلى سورة كذا، والكتاب من فصل كذا، ويشهد به جواز الحكم بمقتضاه في العقود والإيقاعات المتعلقة بالغايات المحدودة، كما لو آجر نفسه أو ماله من السبت إلى الجمعة، أو متعت نفسها من أول الشهر إلى الحادي عشر مثلا، أو نذر الصور - مثلا - من أول الشهر إلى الشهر المقبل أو من الصيف إلى الشتاء، أو شرط لنفسه الخيار من شهر كذا إلى شهر كذا أو من يوم كذا إلى يوم كذا، أو شرط في المكاتبة أداء المال إلى الشهر الفلاني، أو قيد المزارعة والمساقاة والقرض والحبس والمضاربة والشركة وغيرها إلى يوم معلوم، أو قال المولى لعبده: افعل كذا من يوم كذا إلى يوم كذا، إلى غير ذلك من الأمثلة، فإن المستفاد منها دخول الأول وخروج الآخر، مع وضوح انتفاء القرائن في تلك الموارد، لتساوي نسبتي الدخول والخروج فيها إلى حال المتكلم، فيكون التبادر المذكور ناشئا من حاق اللفظ، فيدل على الحقيقة.
وأيضا فلا شك في أن " من " للابتداء و " إلى " للانتهاء، ولا معنى للابتداء