وأنت خبير بأن اختلاف الجنس يلازم الانفصال، إذ لا يطلب وراءه فاصل آخر، فيظهر الفرق بين التفصيلين في المجانس، لإمكان الفاصل المحسوس فيه.
وقد يعقل اختلاف الجنس في غير المحسوس فيظهر الفرق فيه أيضا، ويكون النسبة بينهما من قبيل العموم من وجه.
ولا يخفى بعده، فإن تقييد الفاصل بالمحسوس إنما يراد به فيما يكون المغيا محسوسا، ففي مثل الملكات النفسانية وغيرها إنما يتحقق الفصل باختلاف الجنس، ومنهم من جمع بين التفصيلين، فاكتفى في الدخول بأحد الوصفين، كما يظهر من الذكرى حيث علل الحكم بدخول المرفق في الغسل بكل من الوجهين.
وحكى في التمهيد قولا بدخول الغاية، إلا أن تقترن ب " من " نحو: بعتك من هذه الشجرة إلى هذا، فلا تدخل الغاية حينئذ وتوقف آخرون بين الدخول والخروج (1)، فلا يحمل اللفظ على أحدهما إلا بدليل من خارج، ويتصور ذلك على وجوه:
أحدها: التردد بين القولين أو الأقوال وعدم الجزم بصحة أحدهما أو فساده، فيتوقف حينئذ في تعيين المعنى الموضوع له أو المعنى المراد من اللفظ.
الثاني: الجزم باشتراكه لفظا بين المعنيين، فيكون التردد في الثاني دون الأول، فيتوقف حمله على أحدهما على القرينة المعينة.
الثالث: الجزم بعدم الدلالة على شئ منهما وصلاحيته لكل منهما إلى أن يقوم دليل على أحدهما، فيكون موضوعا للقدر المشترك بين الأمرين، وهذا هو الظاهر من كلام جماعة منهم صاحب الكشاف، حيث قال: إن " إلى " للغاية، وأما دخولها