نعم، لا يلزم العكس، لإمكان القول بالتفصيل بينهما في ذلك، كما يأتي إن شاء الله تعالى، وإن كان خلاف المشهور.
ثم الظاهر أنه لا فرق في محل المسألة بين أدوات الابتداء والانتهاء ك " من " و " إلى " و " حتى " وغيرها، وهل يأتي الكلام في لفظ " الأول " و " الآخر " و " البداية " و " النهاية " و " الابتداء " و " الانتهاء " وأمثالها؟ يحتمل ذلك، إذ الأدوات المذكورة مفيدة لتلك المعاني، ولا فرق بين الدال والمدلول في إفادة المعنى المفهومي.
وفيه: أن دلالتها على انتفاء المحدود بها سابقا أو لاحقا ظاهرة، وأما الأدوات فيمكن إرجاع الخلاف فيها إلى الخلاف في تعيين الأمر المحدود، وأنه الحكم أو الموضوع، والكلي أو الفرد، لبعد الخلاف في إفادتها لتلك المعاني، ولا في استلزام تلك المعاني للانتفاء المذكور، فتأمل.
وأما المسألة الأخرى فيمكن اختصاصها ب " من " و " إلى ". وأما كلمة " حتى " فإن كانت عاطفة فلا شك في دخول ما بعدها في الحكم، لأنها بمنزلة الواو.
وأما الخافضة فيظهر من بعضهم نفي الخلاف أيضا في دخول ما بعدها فيما قبلها، حكي ذلك عن الشيخ شهاب الدين القرافي، وأنكره ابن هشام قائلا: إن الخلاف في ذلك مشهور، وإنما الاتفاق في العاطفة. لكن المستفاد من كلام جماعة منهم الجزم بالدخول، قائلين: إن من حقها أن يدخل ما بعدها في الحكم، نص على ذلك الزمخشري في المفصل وشارحه، وابن هشام، وابن الحاجب. وجوز ابن مالك الدخول وعدمه، سواء كان مدخولها جزءا أو ملاقيا لآخر جزء.
قال نجم الأئمة: ومذهب ابن مالك قريب، لكن الدخول مطلقا أكثر وأغلب، قال: والأظهر دخول ما بعد " حتى " في حكم ما قبلها، بخلاف " إلى ".
وعن جماعة منهم الشيخ عبد القاهر والرماني والأندلسي وغيرهم: أن الجزء داخل في حكم الكل، كما في العاطفة، والملاقي غير داخل، والأظهر الأول، وكذا الحال في الابتدائية.