أكثر، كما علله جماعة من النحاة بذلك، وإلا فالأصل تساوي نسبة الأمرين إلى المعنى الأصلي في البداية والنهاية، وإنما يختلفان بالعوارض، فلا استبعاد في التفصيلات الآتية، كالتفصيل بين الطرفين أو بين المتجانسين وغيرهما، أو بين لفظي " حتى " و " إلى "، أو بين الاقتران ب " من " وعدمه، إلى غير ذلك، مع غاية بعد اعتبار تلك الخصوصيات في الوضع، وندرة اشتراك اللفظ بين المتقابلين حتى ظن امتناعه، إذ بعد إناطة الأمر بشيوع الاستعمال يراعى في كل مقام على حسبه وإن اتحدت الحقيقة، فتأمل هذا.
وربما يسبق إلى بعض الأوهام أن الخلاف في مفهوم الغاية إنما وقع في نفس الغاية، وأما ما بعد الغاية فلا خلاف في مخالفته لما قبلها في الحكم.
قال العضدي وقد يقال الكلام في الآخر نفسه ففي قوله: إلى المرافق آخر المرافق، وليس النزاع في دخول ما بعد المرافق. وذكر شارح الشرح في توضيحه:
أن النزاع لم يقع فيما بعد الغاية، إذ لم يقل أحد بدخول ما بعد المرافق في الغسل، وإنما النزاع في نفس الغاية، كزمان غيبوبة الشمس ونفس المرفق هل يلزم انتفاء الحكم فيه؟ ولا معنى لمفهوم الغاية سوى أنها لا تدخل في الحكم، بل ينتفي الحكم عند تحققها.
وربما يرشد إلى هذا الكلام ما ذكره العلامة في غير موضع من كتبه والرازي من التفصيل في محل المسألة بين صورة انفصال الغاية عن المغيا بمفصل محسوس وغيرها، فإنه إنما يناسب الكلام في نفس الغاية، أما فيما بعدها فلا يعقل الفرق بين الصورتين، ولا يخفى عليك ما فيه، فإن بين المسألتين بونا بعيدا، إذ النزاع في أحدهما في دلالة المنطوق، وفي الأخرى في المفهوم، والخلاف في الأولى إنما هو في دلالة الكلام على موافقة الغاية للمغيا في الحكم ودخولها فيه وعدمها، وفي الثانية في دلالته على مخالفة ما بعدها لا قبلها فيه وعدمها بعد القطع بعدم دلالته على توافقهما في الحكم، فنفي الخلاف عن مخالفته لما قبلها في الحكم كما عن بعضهم ممنوع جدا بل فاسد قطعا، إذ الخلاف في ذلك بين الخاصة