وفيه: أولا أنه ليس في كلام السيد ما يفيد انتفاء الحكم في بعض الصور الموجودة، إذ قد يكون الشرط المفروض وما يقوم مقامه جامعا لجميع الفروض الحاصلة. نعم، لو فرض انتفاء الأمرين كان الحكم منتفيا، إلا أنه ليس في كلام السيد ما يفيد تحقق ذلك الفرض حتى يقال بذهاب السيد إلى تحقق الانتفاء بالانتفاء في الجملة، كما يقوله القائل بحجية المفهوم وعدم عمومه.
وثانيا: أن مرجع كلام القائل بنفي عموم المفهوم إلى نفي المفهوم، فإنه يحتمل قيام غيره مقامه في كل من الفروض الحاصلة، غاية الأمر أن يقول بانتفاء الحكم في بعض الأقسام على سبيل الاجمال، وهو لعدم تعينه لا ينفع في شئ من الخصوصيات. نعم يثمر ذلك في مقابلة من يدعي ثبوت الحكم في جميع الأقسام.
ثانيها: أن المدعى ظهور تعليق الحكم على الشرط انتفاؤه بانتفائه، وهو لا ينافي عدم انتفائه، لقيام الدليل على قيام غيره مقامه، فليس في قيام بعض الشروط مقام بعض دلالة على انتفاء الظهور المذكور إلا أن يدعى غلبة ذلك بحيث لا يبقى معه ظن بظاهر ما يقتضيه اللفظ، لكن بلوغه إلى تلك الدرجة محل منع، فينبغي الأخذ بظاهر ما يقتضيه اللفظ إلى أن يقوم دليل على قيام غيره مقامه، كما يقول القائل بحجية المفهوم.
وفيه: أن مقصود السيد منع الظهور المدعى، فإن أقصى ما يفيده اللفظ حصول الإناطة في الجملة، وهو لا ينافي الإناطة بالغير أيضا، ولا عدمه، إذ ليس في الكلام ما يفيد انحصار المناط فيه، فإذا جاز الأمران من غير ظهور لأحدهما لم يبق هناك دلالة على الانتفاء بالانتفاء في خصوص شئ من الصور، نظرا إلى احتمال حصول ما يقوم مقام الشرط المفروض في خصوص كل مقام، فليس السيد قائلا بحصول المقتضى للانتفاء محتملا لوجود ما يمنع منه حتى يدفع ذلك بالأصل، بل يمنع من حصول المقتضى أيضا، فإن مجرد إناطة وجود الشئ بالشئ في الجملة لا يقضي بإناطة عدمه بعدمه، إذ قد يكون عدمه منوطا بعدم أمور شتى.