قوله: * (لأنهن إذا لم يردن التحصن... الخ) *.
لا يخفى أنه يمكن حصول الواسطة بين الأمرين لإمكان الخلو عن الإرادتين، كما هو الحال في المتردد، ومعه يمكن تحقق الإكراه على البغاء من غير إرادة التحصن، بناء على تفسير الإكراه بحمل الغير على ما لا يريده لا على ما يكرهه، كما فسره المصنف به، ومع الغض عن ذلك فعدم تحقق الإكراه على البغاء مع إرادتهن ترك العفاف غير ظاهر أيضا، لإمكان أن يردن البغاء بغير أن يكرههن المولى على البغاء، ولا يصدق حينئذ أنهن قد أردن العفاف، فإنه إنما يصدق ذلك مع عدم إرادتهن البغاء أصلا.
قوله: * (إذا لم يظهر للشرط فائدة أخرى) *.
أورد عليه: بأن ذلك لا يوافق ما يستفاد من كلام المصنف من كون الدلالة في المقام وضعية، فإن الدلالة الوضعية لا يفرق الحال فيها بين ظهور فائدة أخرى للاشتراط وعدمه إلا أن يقال باعتبار الواضع للقيد المذكور حين الوضع، وهو تعسف ركيك لم يعهد نحوه في شئ من الأوضاع اللفظية. نعم، يوافق ذلك القول بكون الدلالة الحاصلة في المقام عقلية صيانة لكلام الحكيم عن اللغوية، كما سيجئ الإشارة إليه، وهو غير ما اختاره المصنف (رحمه الله).
ويدفعه: أن ذلك إنما يلزم لو التزم المصنف كون الدلالة في المقام وضعية حاصلة من تعلق الوضع به ولو في ضمن الكل، وليس في كلام المصنف ما يفيد ذلك، أقصى الأمر أن يكون الدلالة عنده وضعية حاصلة من تعلق الوضع بما يلزم منه ذلك، فرجوعه إلى التبادر في المقام لا يتعين أن يكون لأجل إثبات الموضوع له، بل يمكن أن يكون من جهة إثبات وضعه لما يلزم منه ذلك لينتقل نسبته إليه، حسب ما مر بيانه، وحينئذ فيمكن أن يكون ظهور فائدة أخرى للاشتراط صارفا ظنيا للفظ عن حقيقته، أعني الدلالة على التوقف والارتباط الملزوم لانتفاء الحكم بانتفائه، فيكون الاستعمال مجازا. أو يقال بكون التعليق والاشتراط ظاهرا في إرادة التوقف الملزوم للانتفاء بالانتفاء، نظرا إلى فهم العرف من أجل انصراف