فلا عصيان حينئذ من جهتها فهو فاسد، إذ المفروض تسليمه الوجوب في المقام وتضيق الواجب عنده من جهة الظن المفروض.
وإن أراد به عدم تحقق العقوبة على ترك المقدمة نفسها ففيه: أن حصول العصيان غير متقوم بترتب العقوبة، ولو سلم ملازمته لاستحقاق العقوبة، فليس استحقاق العقوبة المترتبة على ترك المقدمة إلا من جهة ترك نفس الواجب، نظرا إلى أداء تركها إلى تركه كما مر الكلام فيه، وهو كاف في حصول العصيان في المقام.
فإن قلت: إن المفروض في المقام عدم أداء تركها إلى ترك الواجب لانكشاف الخلاف، فلا يترتب عليه العقوبة من جهة الأداء أيضا.
قلت: من البين أن وجوب التعجيل في الفعل حينئذ ليس من جهة توقف الفعل عليه واقعا، وإلا لما أمكن حصوله من دونه، ضرورة عدم إمكان حصول الواجب من دون مقدمته، وإلا لم يكن مقدمة له، بل إنما يجب ذلك من جهة كونه مقدمة للعلم بالخروج عن عهدة التكليف حينئذ، حيث إن الواجب عليه العلم بعدم الإقدام على ترك الواجب المتوقف على الإقدام على الفعل حينئذ حسب ما قررناه، فالعصيان من الجهة المذكورة حاصل في المقام قطعا، سواء انكشف الخلاف أو لا، وترك الإتيان بالفعل حينئذ مؤد إليه يقينا.
والحاصل: أن التجري على ترك الواجب أو فعل الحرام محرم، ويتوقف الاحتراز عنه على التعجيل في الفعل في المقام، كما أنه يتوقف على الصلاة إلى الجواب الأربعة، وترك وطئ المرأتين عند الاشتباه، فلو قصر في ذلك بتأخير الفعل في المقام أو الاقتصار على الصلاة إلى الجهة الواحدة أو وطئ واحدة منهما فقد تجرى على العصيان، وعصى من تلك الجهة قطعا، وإن انكشف خلاف ظنه في المقام، أو تبين بعد ذلك مصادفة ما فعله للجهة اتفاقا، أو كون الموطوءة هي زوجته، إذ قضية ذلك عدم تحقق العصيان بالنسبة إلى التكليف المتعلق بنفس الفعل.