نعم، لو جعل الواجب خصوص المفهوم المذكور لم يتحقق هناك تخيير في نفس الواجب، وهو ضعيف جدا، كما سنشير إليه إن شاء الله.
ومنها: أن الواجب في المقام مفهوم أحدهما، والمنع من الترك حاصل بالنسبة إليه، واختاره جماعة من الخاصة والعامة، منهم: العلامة في النهاية ونهج الحق، والسيد العميدي، والشهيد، والمحقق الكركي، وشيخنا البهائي، والمحقق الخوانساري، والحاجبي، والبيضاوي.
وعن القاضي حكاية إجماع سلف الأمة عليه. وحكاه في العدة عن شيخنا المفيد (رحمه الله) وعزاه في نهج الحق إلى الإمامية، مؤذنا بإطباقهم عليه. وعن... أن الذي عليه المحققون من أصحابنا والمعتزلة والأشاعرة: أن الواجب واحد لا بعينه من أمور معينة.
قلت: يمكن أن يكون المراد بمفهوم أحدها: ما يكون آلة لملاحظة كل من تلك الأفعال على سبيل البدلية، ويكون المطلوب خصوص كل من تلك الخصال على سبيل التخيير بينها والمنع من تركها أجمع، فيكون ذلك إلزاما لأحد تلك الأفعال من غير أن يكون المطلوب تحصيل المفهوم المذكور لذاته أصلا، وأن يكون المراد به هو المفهوم الجامع بين الأفعال المفروضة، بأن يكون المطلوب هو تحصيل ذلك المفهوم الحاصل بحصول أي منها، فلا يكون كل من الخصال المخير بينها مطلوبا بخصوصه، بل لكونه مصداقا لمفهوم أحدها، ومتحدا بذلك المفهوم، وأن يكون المراد به أحدها على سبيل الإبهام، فيراد قيام الوجوب بواحد مبهم منها دون غيره، فيكون غير ذلك المبهم قائما مقامه في الاجزاء، وأن يكون المراد به واحدا مبهما عندنا معينا عند الله، فإن أتى المكلف به فلا كلام، وإلا أجزأ غيره من الأفعال المفروضة عنه وناب منابه، وأن يكون المراد به ذلك أيضا، فيكون الواجب معينا عند الله سبحانه، لكن مع اختلافه بحسب اختلاف اختيار المكلفين، فيكشف اختيار كل منهم عما هو الواجب في شأنه.
فالوجه الأول راجع إلى المذهب المختار، إذ المأمور به حينئذ هو كل واحد