من الخصال بخصوصه، ويكون كل منها مطلوبا بنفسه، إلا أنه يتخير المكلف بينها حسب ما مر تفصيله.
فإن شئت عبرت بأن الواجب الذي لا يجوز تركه هو واحد من تلك الأفعال.
وإن شئت قلت: إن كلا منها واجب على سبيل التخيير.
والحاصل: أن الأمر الحاصل في المقام شئ واحد يصح التعبير عنه بالوجهين، وقد مر تفصيل الكلام فيه. ويمكن تنزيل كلام المفيد (1) عليه، وكأنه لأجل ذلك قال في العدة بعد الإشارة إلى القولين المذكورين: إن هذه المسألة إذا كشف عن معناها ربما زال الخلاف فيها.
واستظهر في النهاية كون النزاع بينهما لفظيا، كما سيشير إليه المصنف.
والوجه الثاني مغاير لما اخترناه، وربما يتفرع عليهما بعض الثمرات، وربما نشير إلى بعضها.
وقد يوهمه عبارة النهاية، حيث قال: إن التحقيق في هذا الباب: أن الواجب هو الكلي، لا الجزئيات، إلا أن القول به في المقام ضعيف، حيث إن المطلوب في المقام خصوص كل من تلك الأفعال دون المفهوم المذكور، وليس ذلك المفهوم إلا أمرا اعتباريا ينتزع من الأفعال المذكورة، وليس المقصود بالأمر المتعلق بكل من تلك الخصال تحصيل ذلك المفهوم قطعا.
والوجه الثالث لا يظهر قائل به. وقد يشكل الحال فيه أيضا بأن: الوجوب معنى متعين لا يعقل تعلقه بالمبهم واقعا، وقد مرت الإشارة إليه.
ويدفعه: أن للمبهم المذكور تعينا في الذمة، ولذا يصح توجيه الأمر به نحو المكلف، ألا ترى أنه يصح أن يأمر السيد عبده بإتيانه غدا برجل ما على وجه الإبهام، من غير أن يتعين شخصه عند السيد حين أمره لتأمله في تعيينه؟
نعم، لو لم يعينه إلى وقت تنجز الخطاب وحضور وقت الحاجة كانت المفسدة الحاصلة فيه من تلك الجهة، وهي جهة أخرى لا ربط لها بذلك، ولا مانع من جهتها