لا يقضي بمشروعية الإتيان بها مطلقا، لما عرفت من أن قضية تلك الأوامر تحصيل أداء واحد لا أزيد.
وقد يجئ على قول من يقول بتحقق الامتثال بالتكرار بعد الإتيان بالمرة فيما إذا تعلق الأمر بالطبيعة - كما اختاره المصنف - حينئذ مشروعية الفعل هنا أيضا بعد الإتيان بالبعض، بناء على القول بتعلق الأمر هنا بمفهوم أحدها الصادق على كل منها.
وفيه: أن هناك فرقا بين المفهوم المذكور وسائر المفاهيم، حيث إنه إنما يصدق على كل منها انفرادا على سبيل البدلية - كالنكرة - من غير أن يصدق عليهما معا، بخلاف سائر الطبائع فإن وحدتها النوعية لا تنافي الكثرة فردية، فهي صادقة على الأفراد المتكثرة كصدقها على الفرد الواحد، فيمكن القول بحصول الامتثال بأداء الأفراد المتكثرة من حيث حصول الطبيعة في ضمنها، بخلاف المفهوم المذكور إذ لا يمكن صدقه على المتعدد، فلا يصح فيه تحقق الامتثال بالمتعدد.
والقول بتحقق الامتثال ثانيا بالإتيان بالآخر مدفوع: بأن الأمر الواحد إنما يقتضي امتثالا واحدا، وليس المقصود من تحقق الامتثال هناك بالمتعدد تعدد الامتثال أيضا، إذ لا وجه له مع اتحاد الأمر، وعدم دلالته على التكرار، بل المراد أنه كما يحصل الامتثال بالإتيان بالفرد الواحد لحصول الطبيعة به كذا يحصل بالأفراد المتعددة من حيث حصول الطبيعة في ضمنها، فيكون الإتيان بالأفراد المتعددة امتثالا واحدا كالإتيان بالفرد الواحد، حسب ما مر تفصيل القول فيه.
ثانيها: أنه لو أتى بتلك الأفعال دفعة لم يكن أداء المكلف به إلا بواحد منها حسب ما يقتضيه التكليف المذكور على ما قررناه، فلا يتصف بالوجوب إلا واحد منها. ويحتمل القول باتصاف جميع ما يأتي به من تلك الأفعال بالوجوب على نحو اتصاف نفس تلك الأفعال، فكما أن كلا من الأفعال المفروضة واجبة على المكلف بالوجوب التخييري بالمعنى المتقدم فكذا كل ما أتى به منها دفعة متصف