لا يرضى بتركه وترك أبداله. وقد عبروا عن ذلك بأنه لا يجب الجميع، ولا يجوز الإخلال بالجميع، وأرادوا بعدم وجوب الجميع: عدم وجوب كل منها على سبيل التعيين، وبعدم جواز الإخلال بالجميع: عدم جواز ترك الجميع على سبيل السلب الكلي.
وتوضيح المقام: أن حقيقة الوجوب - كما عرفت - هي مطلوبية الفعل على سبيل الجزم والحتم في الجملة، بأن يريد الآمر صدور الفعل من المكلف، ولا يرضى بتركه في الجملة، فإذا أمر المكلف بأفعال عديدة على سبيل التخيير بينها فقد أراد حصول كل واحد منها على وجه المنع من ترك الجميع بأن لا يكون تاركا للكل، فالمنع من الترك المأخوذ فصلا للوجوب حاصل في ذلك، كما أنه حاصل في الوجوب التعييني.
وتفصيل ذلك: أن الطلب المتعلق بالفعل قد يكون مع عدم المنع من الترك بالمرة، فلا يكون الترك ممنوعا منه على سبيل السلب الكلي، وهذا هو الطلب الحاصل في المندوب. وقد يكون مع المنع من الترك في الجملة على سبيل الإيجاب الجزئي في مقابلة السلب الكلي المأخوذ في النوع الأول، وهذا هو المأخوذ فصلا للوجوب.
فإن قلت: إنه ينتقض حد الواجب حينئذ ببعض الأفعال التي تجب على بعض الأحوال دون بعضها، لحصول المنع من تركه في الجملة، مع أنه ليس واجبا مطلقا.
قلت: إن الحاصل هناك طلبان متعلقان بالفعل، يتقيد أحدهما بعدم المنع من الترك مطلقا، والآخر بالمنع منه بخلاف المقام، فإن هناك طلبا واحدا يتقيد بالمنع من الترك في الجملة، وهو الذي ينطبق عليه الحد دون الصورة المفروضة، وحينئذ ينقسم ذلك إلى قسمين:
أحدهما: أن يتعلق المنع بترك ذلك الفعل بالخصوص، وهو الوجوب التعييني.
وثانيهما: أن يتعلق بترك ذلك الفعل وما يقوم مقامه، وهو الوجوب التخييري.
وحينئذ فالطلب متعلق بكل من الأفعال التي وقع التخيير بينها، وكذا المنع من