وما أجاب عن الوجه المذكور يقع جوابا عن ذلك أيضا.
ويمكن الجواب عنه أيضا - بعد تسليم صدق المخالفة على ذلك عرفا - أنه لا دليل على تقييده بذلك، فغاية الأمر أن يعم ذلك والمخالفة في العمل، فيصدق على كل منهما، وذلك كاف في صحة الاحتجاج.
قوله: * (ذمهم بمخالفتهم) * إذ ليس المقصود من الكلام المذكور الإخبار بعدم وقوع الركوع منهم فيكون الغرض بملاحظة المقام هو ذمهم على المخالفة وترك الانقياد والطاعة.
قوله: * (ولولا أنه للوجوب لم يتوجه الذم) * يرد على الاحتجاج بهذه الآية ما عرفته من الإيراد على الأدلة المتقدمة من عدم دلالتها على وضع الصيغة للوجوب، إذ غاية ما يستفاد منها إفادتها للوجوب، وهي أعم من وضعها له فلا منافاة فيها لما قررناه من ظهور الصيغة فيه من جهة ظهور مدلولها، أعني الطلب في الطلب الحتمي حتى يتبين الإذن في الترك.
وقد يورد عليه أيضا تارة بأن أقصى ما تفيده كون الأمر الذي وقع الذم على مخالفته للوجوب فلا تدل على أن كل أمر للوجوب، كذا يستفاد من الإحكام.
ويؤيده أن المأمور به بالأمر المفروض هو الصلاة ووجوبها من الضروريات الواضحة، فكون الأمر المذكور إيجابيا معلوم من الخارج.
ويدفعه أن الذم إنما علق على مجرد المخالفة وترك المأمور به، فلو كان موضوعا لغير الوجوب لم يصح ذمهم على مخالفة الصيغة المطلقة كما هو ظاهر الآية الشريفة.
وتارة بأنه قد يكون الذم من جهة إصرارهم على المخالفة، فإن لفظة " إذا " تفيد العموم في العرف فيكون مفاد الآية ذمهم على مخالفتهم للأمر كلما امروا بالركوع، فلعل في تلك الأوامر ما أريد به الوجوب، فتكون المذمة من جهته، أو من جهة إصرارهم على المخالفة.
وفيه: بعد فرض تسليم دلالة " إذا " على العموم أنه غير مناف لصحة