الاستدلال، فإن المذمة الحاصلة إنما كانت على تركهم للمأمور به وإن تحقق منهم ذلك مرات عديدة، نظرا إلى تعدد الأوامر المتعلقة بهم، فإن تعدد صدور الأمر لا يكون قرينة على وجوبه.
واحتمال أن يكون في تلك الأوامر ما يراد منه الوجوب بواسطة القرينة مدفوع بظاهر الآية، لتعليقه الذم على مجرد المخالفة.
وإن كان المفروض في تلك المخالفة حصولها مكررة فلا يصح ذلك إلا مع كون الأمر للوجوب، نظرا إلى عدم أخذ القرينة في ترتب المذمة، وعدم مدخلية الإصرار والاستدامة على ترك المندوب في جواز الذم والمؤاخذة لعدم خروجه بذلك عن دائرة الندبية.
وقد يورد عليه أيضا بما مر من عدم دلالته على إفادة الوجوب بحسب اللغة كما هو المدعى، فأقصى ما يفيده دلالته على الوجوب في الشرع، كما هو مذهب السيد ومن وافقه.
ويدفعه ما عرفت من أصالة عدم النقل.
قوله: * (بمنع كون الذم على ترك المأمور به) * ملخصه منع كون الذم المذكور على مجرد ترك المأمور به بل على الترك من جهة التكذيب، وحيث كان هذا الوجه بعيدا عن ظاهر العبارة وكان مدار الاحتجاج على الظاهر أراد بيان شاهد مقرب للاحتمال المذكور حتى يخرج الكلام بملاحظته عن الظهور ليصح الجواب بالمنع، فاستند في ذلك إلى ظاهر الآية الثانية.
وجعله بعض الأفاضل معارضة واستدلالا في مقابلة الاستدلال المذكور، قال: " والمراد بالمنع ليس ما هو المشهور في علم الآداب بل المعنى اللغوي ".
وأنت خبير بما فيه لبعده جدا عن ظاهر التعبير المذكور، فإن العبارة في غاية الظهور في منع المقدمة الأولى وبيان سند المنع، وحمل المنع على المنع اللغوي في غاية التعسف، مضافا إلى أن المعارضة إقامة دليل يدل على خلاف مطلوب