على سبيل المنع بإبداء الاحتمال الهادم للاستدلال وليس المنع قابلا للمنع.
وأجيب عن ذلك بما تقدمت الإشارة اليه من كون الإيراد المذكور معارضة لا منعا، فيكتفى في رده بإبداء الاحتمال. وقد عرفت ما فيه.
فالصواب في الجواب أن يقال: إنه لما كان المنع المذكور مبنيا على مساواة الاحتمال المذكور لما أخذه المستدل مقدمة في الاستدلال وكانت الآية الشريفة في ظاهر الحال ظاهرة فيما ادعاه المستدل توقف منعه على إثبات مساواة الاحتمال المذكور لما ادعاه المستدل أو ترجيحه عليه، إذ مطلق المنع بابداء مجرد الاحتمال لا ينافي الاستدلال بالظواهر، بل لا بد من إبداء الاحتمال المساوي أو الراجح، فصحة المنع المذكور مبتنية على صحة ما قرره في السند، وحينئذ يكتفى في الجواب بمنع ما قرره في بيانه لبقاء الظاهر المذكور حينئذ على حاله إلى أن يتبين المخرج عنه، فمحصله أن ما جعله باعثا على الانصراف عن ذلك الظاهر غير ظاهر حسب ما قرره في الجواب، فتأمل.
هذا، وقد ذكروا في المقام وجوها اخر في الاحتجاج على وضع الصيغة للوجوب لا بأس بالإشارة إلى جملة منها.
منها: أن تارك المأمور به عاص وكل عاص متوعد عليه بالعذاب، فيكون تارك المأمور به متوعدا عليه بالعذاب، وهو دليل على كون الأمر للوجوب.
أما المقدمة الأولى فلظاهر عدة من الآيات كقوله تعالى: * (لا يعصون الله ما أمرهم) * (1) وقوله: * (لا أعصي لك أمرا) * (2) وقوله: * (أفعصيت أمري) * (3) وفي كلمات العرب أيضا ما يدل عليه كقوله: " أمرتك أمرا حازما فعصيتني " ونحوه قول الآخر، مضافا إلى تصريح جماعة بأن العصيان ترك المأمور به، وربما يحكى الاجماع عليه.