المستدل في مقابلة الدليل الذي أقامه من غير إبطاله لخصوص شئ من مقدمات ذلك الدليل، ومن البين أن ما ذكر ليس من هذا القبيل، لوضوح أن ما قرره لا يفيد عدم دلالة الأمر على الوجوب وإنما يفيد عدم دلالة هذه الآية المستدل بها على وضعها للوجوب.
ومحصله: دفع المقدمة القائلة بوقوع الذم على مخالفة الأمر، وليس ذلك إلا منعا متعارفا وبيان سند لذلك المنع ولا ربط له بالمعارضة بوجه.
ولو عد إبطال بعض مقدمات الدليل بإثبات خلافه معارضة في الاصطلاح - نظرا إلى إقامة الدليل على خلاف الدليل الذي أقامه المستدل على إثبات تلك المقدمة، فإن الحكم بثبوت تلك المقدمة أيضا دعوى من الدعاوي فإذا أقام المعترض دليلا في مقابلة الدليل الذي استند اليه المستدل لإثباته كان معارضة بالنسبة إلى ذلك - فمع ما فيه من المناقشة الظاهرة أنه غير جار في المقام، لاكتفاء المستدل عن إثبات تلك المقدمة بظهورها من غير تعرض للاستدلال عليها، فكيف يجعل ما ذكره استدلالا في مقابلة الاستدلال.
هذا، وقد يجعل الإيراد المذكور منعا ومعارضة معا، فمنع أولا من كون الذم على مجرد المخالفة لاحتمال وقوعه على المخالفة الحاصلة على سبيل التكذيب، نظرا إلى كون الترك من الكفار، ثم أراد الاحتجاج على كون الذم على التكذيب دون مجرد المخالفة.
ولما كان مجرد المنع المذكور ضعيفا لمخالفته لظاهر الآية الشريفة ومناط كلام المستدل هو الأخذ بالظاهر، أضرب في الجواب عن التعرض له وأشار إلى فساد المعارضة المذكورة، وهو كما ترى خروج أيضا عن ظاهر العبارة وعن ظاهر كلام أرباب المناظرة.
قوله: * (فإن كان الأول جاز... الخ) * أورد عليه بأنه خارج عن قانون المناظرة، لأن اللازم على المستدل إثبات أن الذم على ذلك ولا يكفيه مجرد الجواز والاحتمال، وما ذكره المورد إنما هو