مضافا إلى إفادته للمطلوب أيضا، إذ لا وجه لوجوب الحذر عنهم سوى كونهم من أهل الفسوق والعصيان، لوضوح أن مخالفة الأمر الندبي لا يقضي بذلك سيما مع عود الضمير في " أن تصيبهم " إلى " الذين " كما هو الظاهر.
وعن الخامس عشر أن العبرة في المقام بظاهر اللفظ، وليس في الظاهر ما يفيد إرادة المعهود فظاهره الإطلاق، ومع تسليم انصرافه إلى العهد فالتهديد إنما وقع على مجرد مخالفتهم للأمر، وهو كاف في المقام، إذ لا يصح ذلك من دون استفادة الوجوب من مطلق الأمر.
بقي الإيرادان الأخيران، والظاهر ورودهما في المقام.
قوله: * (حيث هدد سبحانه مخالف الأمر... الخ) * استفادة التهديد من الآية إما مبنية على كون الأمر في الآية للتهديد أو الإنذار المقارب له - كما هو الظاهر من سياقها - أو على كون الحكم بالحذر في شأنهم دليلا على حصول موجب العذاب، وهو معنى الإنذار والتهديد، والثاني هو الذي قرره المصنف.
قوله: * (إلا بتقدير كون الأمر للوجوب) * مبنى الاعتراض على أن فهم التهديد من الآية يتوقف على كون الأمر المذكور للوجوب بناء على أن وجوب الحذر دال على استحقاق العذاب المفيد للتهديد، وأما استحباب الحذر أو الأمر به على سبيل الإرشاد ونحوه فلا دلالة فيه على استحقاق العذاب، إذ قد يكون ناشئا على احتمال العذاب فلا يفيد كون أوامره للوجوب، كما هو المطلوب فالمقدمة الأولى المثبتة لتهديده تعالى مخالف الأمر من جهة وقوع المخالفة محل منع، والحكم به يتوقف على كون الأمر المطلق للوجوب، فيدور الاستدلال.
فظهر بما قررنا أن مبنى الاحتجاج بزعم المورد ليس على كون الأمر المذكور للتهديد، وإلا توجه المنع اليه سيما مع البناء على كونه مجازا وإنما يبتني على كون التهديد مستفادا من الكلام حسب ما قررناه، وهو الظاهر من كلام المجيب أيضا،