استعمالهم له في ذلك لا يقضي بالمنع منه مع وجود المصحح، ومن البين أن كثيرا من المجازات مما لم تكن جارية في كلام العرب القديم ولا كانوا يعرفونها وإنما اقترحها المتأخرون بخيالاتهم، كيف! ولو بني على اخراج المتروكات عن محل البحث لم يبق هناك محل للنزاع، لوضوح متروكية استعمال المشترك في معنييه من أصله، إذ لم نجد شيئا من ذلك في الاستعمالات الدائرة ولو ورد من ذلك شئ محقق في كلماتهم لكان ذلك من أقوى أدلة المجوزين، فلم لم يستند اليه أحد منهم في إثبات الجواز، فلو قطعنا النظر عن ظهور عدم وروده في كلامهم فلا أقل من عدم تحقق الورود أيضا فلا يكون هناك موضع يعرف كونه من محل الخلاف.
ومع الغض عن ذلك فمتروكية الاستعمال لا يمنع من استعمال الحقائق.
والقول بكون الاستعمال المذكور حقيقة إما مطلقا أو في بعض الصور من الأقوال المعروفة في المسألة فلا وجه إذن لاعتبار عدم المتروكية في محل النزاع.
وقيل (1) أراد به اخراج ما لا يمكن إرادتهما معا منه في إطلاق واحد كاستعمال صيغة الأمر في الوجوب والتهديد، وكأنه أراد ذلك بالنسبة إلى شخص واحد وفعل واحد وزمان واحد، نظرا إلى استحالة اجتماع الأمر والنهي كذلك، هذا إذا قلنا باستحالة اجتماع الأمر والنهي بناء على كونه من قبيل التكليف المحال، لا التكليف بالمحال كما قيل.
ولو قلنا بالثاني فلا مانع من نفس الاستعمال الذي هو محط الكلام في المقام، غاية الأمر عدم وروده في كلام الحكيم.
وكذا الحال في استعمال اللفظ في الضدين مما لا يمكن تحققهما في الخارج، كما في قولك: " هند في القرء " إذا أردت به الطهر والحيض معا، فإن عدم جواز الاستعمال حينئذ من جهة لزوم الكذب لا لمانع في اللفظ، فلا منع من جهة نفس الاستعمال الذي هو المنظور في المقام كيف! ولو قيل بالمنع من الاستعمال لأجل