العوام، ومن البين أن الإعادة بحسب العرف واللغة عبارة عن الإتيان بالشئ ثانيا يعني بعد الإتيان به أولا، بل ذلك هو معناه المصطلح أيضا وإن اخذ فيه بعض الخصوصيات، وقضية ذلك كون الفعل الواقع أولا مندرجا في المسمى وإلا لم يكن الفعل الثاني إتيانا بذلك الفعل ثانيا، بل كان إتيانا أوليا وبذلك يخرج عن كونه إعادة.
وبالجملة: لو كانت أسامي العبادات موضوعة بإزاء الصحيحة لم يمكن تحقق الإعادة إلا مع صحة المأتي به أولا، ولا يجري ذلك إلا في نادر من المقامات مما وردت إعادته مع صحة الأول كالمعادة جماعة ونحوها، وأما معظم ما ورد فيه الإعادة وتواتر نقله عن أهل العصمة وشاع استعماله بين المتشرعة فإنما هو مع فساد الفعل الأول، كما هو قضية الأمر بالإعادة والحكم بوجوبها، إذ لا وجه له مع صحة الفعل الأول.
والتزام التجوز في جميع الاستعمالات المذكورة مع شيوعها وتداولها بعيد كمال البعد، بل ربما يقطع بفساده، على أن مجرد الظهور كاف في المقام، لكون المسألة لغوية متعلقة بالأوضاع اللفظية.
ومنها: أنه قد شاع في الاستعمالات الجارية وتداول بين الخاصة والعامة الحكم ببطلان الصلاة وفسادها عند حصول ما يفسدها، وكذا الحال في غيرها من العبادات، ولولا أنها موضوعة للأعم لم يصح الحكم عليها بذلك، لوضوح بطلان الحكم ببطلان العبادة الصحيحة والحكم بفسادها، والتزام التجوز في تلك الإطلاقات الشائعة بعيد جدا.
ومنها: أنه قد تظافر النهي عن جملة من العبادات ولو كانت أسامي للصحيحة لما صح تعلق النهي بها، أو لزم القول بعدم اقتضاء النهي عنها للفساد، بل قضى ذلك بدلالة النهي عنها على الصحة بمقتضى المادة، كما حكي القول به عن أبي حنيفة وتلميذه، لتعلق النهي بمسمى اللفظ الذي هو خصوص الصحيحة، فيكون الإتيان به صحيحا بمقتضى المادة، محرما خاصة بمقتضى الهيئة، وإلا لزم المناقضة بين الهيئة والمادة.