كيف! وهي الأمر المجعول عبادة والمعدود من الفروع الشرعية، فهي الماهية المحدثة من صاحب الشريعة، وأما الفاسدة فهي خارجة عن العبادة مندرجة في أنواع البدعة ولا حاجة إلى التعبير عنه في الغالب، ولو احتيج اليه فإنما هو بواسطة بيان الصحيحة، ولو فرض تعليق بعض الأحكام عليها فإنما هو في كمال الندرة.
وعلى ما اخترناه من ثبوت الحقيقة الشرعية فالأمر أوضح، إذ قضية الحكمة وضع اللفظ بإزاء ما يشتد اليه الحاجة ويعتد بشأنه سيما بعد إثبات عرف خاص لأجل بيانه، وذلك ظاهر. ويرشد اليه التعبير عن تلك الألفاظ بأسامي العبادات، إذ ليست الفاسدة مندرجة في العبادة على سبيل الحقيقة.
السادس: ما أفاده بعض المحققين من أنا نعلم أن للعبادات أجزاء معتبرة فيها يتألف منها ماهياتها، كما هو ظاهر من ملاحظة الشرع ولو كانت للأعم لما كانت كذلك، إذ صحة إطلاقها حينئذ مع فقد كل واحد منها يستلزم انتفاء جزئيتها أو تحقق الكل بدون الجزء، هذا خلف.
وأورد عليه بمنع الملازمة، فإن القائل بوضعها للأعم يسلم وجود أجزاء معتبرة في الماهية ولا يقول بحصول الماهية مع عدمها، سواء اعتبرت على نحو الاجمال أو التعيين، وانما القول بأن جميع الأجزاء ليس من ذلك القبيل بل هناك أجزاء اعتبرت بخصوصها في خصوص الصحيح، كالتشهد والقراءة ونحوهما، أو يقول بصدق الصلاة على ما هو فاسد من جهة انتفاء الشرائط، أو وجود الموانع من الصحة والدليل المذكور لا يبطل شيئا من ذلك.
ويدفعه أن المقدمة المذكورة أولا كافية في دفع ذلك، فإن من راجع عرف المتشرعة وجد حكمهم بجزئية جميع الأجزاء المقررة للصلاة على سبيل الإطلاق من غير حاجة إلى التقييد.
وبالجملة: أنه بعد ثبوت الجزئية في الجملة يحكمون بكونه جزء لمطلق الصلاة، فالمنع المذكور موهون بعد الرجوع إلى عرف المتشرعة، والتفصيل بين الأجزاء والشرائط ليس مذهبا معروفا، فلا معول عليه بعد إبطال كونها للأعم مطلقا.