يجعل كلا من الأجزاء والشرائط معتبرا في الموضوع له.
أما على الأول فظاهر، إذ معرفة المصداق حينئذ ليس من شأن العرف، ألا ترى أن القيمة السوقية ونحوها يرجع في فهم معناها إلى العرف، لكن في تعيين ما هو قيمته أنما يرجع إلى أهل الخبرة، فكذا في المقام.
وأما على الثاني فلأنه لما كانت الأجزاء والشرائط المعتبرة فيها متكثرة والعرف لا يفي غالبا بمعرفة تلك التفاصيل - فهم إنما يتصورون المعنى الموضوع له في أمثال ذلك على وجه يميزه من غيره من غير أن ينتقل إلى التفصيل، فهم إنما يعرفون من الموضوع له في أمثال المقام أنه معنى شأنه كذا مثلا - فلا بد في معرفة التفصيل أيضا من الرجوع إلى الأدلة التفصيلية.
والحاصل: أن كون المعنى موضوعا له عند أهل العرف للفظ لا يستلزم تصورهم لذلك المعنى على سبيل التفصيل حتى يتميز تفاصيله بالرجوع إليهم، بل الغالب فيه في مثل المقام هو تصور المعنى بالوجه وعلى سبيل الاجمال حسب ما ذكر، وهو كاف في فهمه، وحينئذ فلا وجه لما ذكر من الرجوع في تمييز تفصيل المعنى إلى العرف، إذ ليس ذلك من شأنهم وإنما شأن أهل العرف الرجوع في ذلك إلى العلماء وأهل المعرفة، كما هو ظاهر من ملاحظة الحال في كل واحد من العبادات، كيف! ولو كان العرف مرجعا في معرفة التفصيل لما كانت حاجة إلى الرجوع إلى الأخبار وغيرها من الأدلة الشرعية في معرفة أجزاء الصلاة وغيرها، وهو واضح البطلان، وليس الوجه فيه إلا ما عرفت من الفرق بين الاجمال والتفصيل، والمستفاد من تلك الألفاظ ليس إلا الأمور المجملة هو الذي يستفاد من العرف، ولا يعرف التفصيل إلا بالرجوع إلى الأدلة، وهذا كله واضح بناء على القول بوضعها للصحيحة.
وأما القائل بوضعها للأعم فيذهب إلى تعيين المعنى بحسب عرف المتشرعة على التفصيل، ولذا يذهب إلى جريان الأصل في كل ما شك في جزئيته أو شرطيته بعد إحراز ما يصدق معه الاسم في العرف.