على حصول الوضع له، وأما إذا انضم اليه شئ آخر أو احتمل انضمامه اليه احتمالا متساويا لم يكن دليلا على الحقيقة، إذ لا ملازمة حينئذ بين الفهم المذكور والوضع كما مر بيانه، ألا ترى أن المتبادر من سائر العقود كالبيع والإجارة والمزارعة والمساقاة وغيرها إذا أطلقت ليس إلا الصحيحة مع أنها موضوعة للأعم فكذا الحال في التبادر الحاصل في ألفاظ العبادات، فإن الظاهر أن التبادر الحاصل في المقامين من قبيل واحد والباعث عليه في العقود والإيقاعات هو الباعث على الانصراف في العبادات.
وما يتوهم من أن الأصل في التبادر أن يكون دليلا على الحقيقة إلا أن يدل دليل على خلافه وهو ثابت في المعاملات فنقول بمقتضاه، بخلاف ما نحن فيه.
فمما لا دليل عليه بل ليس الدليل على الوضع إلا التبادر على النحو المذكور بعد تحققه والمعرفة بحصوله ولو على سبيل الظن.
ودعوى كون الأصل في كل تبادر أن يكون مستندا إلى نفس اللفظ ممنوعة.
والقول بأصالة عدم ضم شئ آخر إلى اللفظ في حصوله معارض بأصالة عدم استقلال اللفظ في إفادته.
على أن الأصل لا حجة فيه في هذه المقامات إلا من جهة إفادة الظن دون التعبد ومع حصول الظن لا كلام وإنما الكلام في حصوله في المقام، وهو ممنوع إن لم نقل بكون المظنون خلافه، كما يشهد به ملاحظة نظائره من المعاملات كما عرفت.
ويشهد له أيضا أنه لو كان التبادر هنا ناشئا عن الوضع لكان ذلك منساقا إلى الذهن في سائر المقامات وليس كذلك، ألا ترى أنك إذا قلت: " رأيت فلانا يصلي، أو جماعة يصلون " لم يدل ذلك على كون ما وقع صحيحا كيف! ولو لم يكن كذلك لصح الإخبار بأن زيدا لا يصلي ولا يصوم ولا يغتسل من الجنابة إذا كانت أعماله المذكورة فاسدة ومن الظاهر أنه يحكم بكذب القائل إذا أطلق حينئذ في الإخبار بخلاف ما إذا قيدها بالصحيحة، فلو كانت تلك الألفاظ منساقة إلى